لعدم [1] نهوض حجة على أحدهما تفصيلا بعد نهوضها عليه إجمالا، ففيه وجوه: الحكم [2] بالبراءة عقلا و نقلا، لعموم النقل [3] و حكم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة، للجهل به [4]، و وجوب [5]
أنه لو فعل لا يعاقب عليه كما لا يعاقب على الترك. و وجه التوقف عن الحكم بالتخيير أو البراءة أو الإباحة في مرحلة الظاهر هو وجوب الالتزام بأحد الحكمين، و من الواضح منافاة الحكم بشيء مما ذكر و لو في مرحلة الظاهر لما علم إجمالا من الحرمة أو الوجوب. و قد ظهر امتياز هذا الوجه عن سابقه، إذ التخيير هناك كان في الأخذ بأحد الاحتمالين بمعنى وجوب الحكم بالأخذ بأحدهما، و هنا في العمل بأحدهما دون الحكم به. مضافا إلى كونه هنا تكوينيا لا تشريعيا، و هناك تشريعيا. فالتخيير في الوجه السابق من قبيل التخيير في المسألة الأصولية، و في هذا الوجه من قبيل التخيير في المسألة الفرعية. خامسها: التخيير العقلي بين الفعل و الترك و الحكم عليه شرعا بالإباحة ظاهرا، و هو مختار المصنف و سيأتي.
>[1] تعليل لقوله: «دار» و ضمير «عليه» راجع إلى أحدهما، و قوله: «ففيه» جواب «إذا دار».
[2] هذا إشارة إلى الوجه الأول المتقدم توضيحه بقولنا: «أحدها...».
[4] متعلق ب «قبح» و ضمير «به» راجع إلى خصوص، و هذا تقريب جريان البراءة العقلية، يعني: أن الجهل بخصوصية الإلزام و نوعه موجب لصدق عدم البيان الّذي أخذ موضوعا لقاعدة القبح.
[5] معطوف على «الحكم» و إشارة إلى الوجه الثاني المتقدم توضيحه