و في الثاني: أن انحلال الكراهة إلى حكمين استحباب و كراهة خلاف التحقيق الّذي ثبت في محله. و دعوى شمول العمل للترك كشموله للفعل كما ترى، فلا يصار إليه بلا دليل. و البلوغ و ان كان أعم من الدلالة المطابقية و الالتزامية لكن أعميته هنا منوطة بانحلال الكراهة إلى حكمين، و قد مرت الإشارة آنفا إلى عدمه. و في الثالث: أن الحجة هي القطع بالمناط، و دون تحصيله خرط القتاد، فان غاية ما يمكن تحصيله هو الظن بالمناط، إذ لا موجب للقطع بعدم دخل خصوصية الفعل و حمله على المثال، و من المعلوم أن الظن لا يغني من الحق شيئا. و كذا كون الغرض عدم التسوية بين الأحكام الإلزامية و غيرها، فان ت حصيل القطع بذلك مع قبح التشريع و الافتراء كما ترى. و بالجملة: فدعوى تنقيح المناط القطعي بكلا التقريبين المزبورين غير مسموعة و ان اختار التقريب الثاني بعض أعاظم المحشين (قده) و لذا ذهب إلى مذهب المشهور من كون الكراهة كالاستحباب في ثبوتها بالخبر الضعيف، و جريان قاعدة التسامح فيها كجريانها في الاستحباب. لكن قد عرفت أنه لا مجال للقاعدة في المستحبات فضلا عن المكروهات. الثالث: أن الظاهر شمول أخبار «من بلغ» للخبر الضعيف مطلقا و ان كان موهوم الصدور فضلا عن مشكوكه، لإطلاق البلوغ المؤيد بما في بعض أخباره من «طلب قول النبي» و «التماس ذلك الثواب» و «رجاء ثوابه» الشامل لاحتمال الصدق، فما لم يعلم كذب الخبر يصدق عليه البلوغ. كما أن الظاهر شمول الثواب و هو النّفع المستحق المقارن للتعظيم و الإجلال لكل من الأجر