و كيف كان فالتحقيق في تمامية القاعدة و كونها مصححة للمؤاخذة على مخالفة التكليف الواقعي المجهول يستدعي النّظر في موضوع كل منهما و محموله، فموضوع قاعدة القبح «عدم البيان» و محمولها قبح العقاب من المعاقب الحكيم. و موضوع الأخرى العقاب المحتمل، و محمولها الوجوب، و بيانية قاعدة الدفع منوطة بالنظر في محتملات الوجوب، إذ على بعضها تصلح للبيانية، و على بعضها الآخر لا تصلح كما سيظهر، فنقول و به نستعين: ان وجوب الدفع اما شرعي نفسي أو غيري أو طريقي، و اما فطري، و اما عقلي إرشادي. و الظاهر عدم كونه نفسيا، إذ ضابطه - و هو الوجوب المنبعث عن مصلحة في المتعلق يوجب استحقاق المثوبة على موافقته و العقوبة على مخالفته كوجوب الصلاة و الصوم و نحوهما - لا ينطبق عليه، إذ فيه أوّلا: أنه ليس احتمال التكليف من العناوين الموجبة لملاك ملزم يقتضي تشريع حكم إلزاميّ يوجب استحقاق العقوبة على مخالفته حتى يجب دفعها، و إلاّ لزم التصويب أو التسبيب. و ثانيا: أنه بعد تسليمه لا يكون وجوب الدفع أيضا شرعيا نفسيا، لوقوعه حينئذ في سلسلة معلولات الأحكام، فيكون عقليا كحكمه بحسن الإطاعة و قبح المعصية، و لذا يحمل الأمر بالإطاعة و النهي عن المعصية على الإرشاد إلى ما يحكم به العقل و لا يحملان على الشرعي المولوي. و ثالثا: أن غرض المستدل بقاعدة دفع الضرر المحتمل انما هو تنجيز الحكم الإلزامي الواقعي المجهول، و رفع قبح المؤاخذة على مخالفته، و ليس غرضه إثبات استحقاق العقوبة بهذه القاعدة على مخالفة التكليف المحتمل بما هو