و منها: آية الكتمان: «ان الذين يكتمون ما أنزلنا»«»الآية [1] الالتزامية، لأن الاخبار عن الملزوم - و هو الوجوب أو الحرمة - اخبار التزاماً عن اللازم و هو استحقاق العقوبة على المخالفة لكنه أخص من المدعى، و هو حجية الخبر مطلقاً سواء كان مفاده حكماً إلزامياً أم غيره، و من المعلوم أن الرواية التي لا تتضمن حكماً إلزامياً ليس فيها اخبار عن العقاب حتى يكون إنذاراً. أو إشارة إلى: أن وجوب الحذر مترتب على الإنذار الواجب، لا على مجرد صحة الإنذار، و من المعلوم عدم وجوب الإنذار على الرّواة من حيث انهم رواة كعدم وجوبه على نقلة الفتاوى، و المفروض وجوب الحذر في خصوص ما إذا وجب الإنذار، دون ما إذا صح و ان لم يكن واجباً.
[1] الحق أجنبية هذه الآية الشريفة عما نحن فيه، لوجهين: أحدهما: أن مورد الآية هو نبوة نبينا صلى اللّه عليه و آله و سلم و من المعلوم عدم حجية خبر الواحد فيها لكونها من أصول الدين، فلا ربط لها بالفروع، فالتعدي عن مورده إلى الفروع بلا وجه، و لو بني على التعدي فلا يتعدى الا إلى مثلها مما هو من أصول الدين. ثانيهما: أن حرمة الكتمان عبارة أخرى عن حرمة الإخفاء، فيجب إظهار ما ليس بظاهر و أما إذا كان واضحاً و ظاهراً كالمقام لقوله تعالى: «من بعد ما بيناه للناس» فالمراد بالكتمان حينئذ هو إبقاء الواضح على حاله، و عدم بيانه اتكالا على وضوحه، لا أن المراد بالكتمان ترك إظهار الشيء الخفي كما في آية كتمان النساء لما خلقه اللّه في أرحامهن. و بالجملة: فعلماء اليهود كتموا ما كان ظاهراً و مبيناً في التوراة من علائم نبوة نبينا و صفاته صلى اللّه عليه و آله و سلم بحيث لو لم يكتموه لظهر الحق