و حاصله: أن المتجري الّذي يخالف قطعه لا يستحق الا المذمة و اللوم على المنكشف و هو سوء السريرة و خبث الباطن، و أما نفس الفعل فلا يترتب عليه شيء أصلا. و هذا بخلاف ما عليه المصنف، فانه (قده) و ان التزم باستحقاق المذمة على سوء السريرة و لكن ذلك منوط بعدم العزم عليه، و أما إذا عزم على مخالفة قطعه فيترتب عليه استحقاق العقوبة، لأنه عازم على الطغيان على مولاه و هو مما يستقل العقل بقبحه. و قد أوضح ذلك في حاشيته على الرسائل، فقال: «و بالجملة: صفتا التجري و الانقياد ما دامتا كامنتين في العبد و لم يصِر بصدد إظهارهما و ترتيب الأثر عليهما لم يستحق الا اللوم و المدح كسائر الصفات الذميمة و الأخلاق الحسنة، و إذا صار بصدد الإظهار استحق - مضافاً إلى ذلك - العقوبة و المثوبة على أول مقدمة اختيارية من المقدمات التي يفعلها القلب و يتوقف عليها صدور الأفعال بالاختيار...». و الحاصل: أن في التجري مراحل ثلاث: الأولى: سوء السريرة. الثانية: العزم على الجري على مقتضاها. الثالثة: التلبس بالفعل، و لا إشكال في استحقاق اللوم و المذمة على المرحلة الأولى، انما الخلاف في المرحلتين الأخيرتين، فان الشيخ الأعظم ينكر استحقاق المذمة على الفعل فضلا عن استحقاق العقوبة، المخالفة قطعاً، و عليه، فالمخالفة بنفسها لا تستلزم استحقاق العقوبة ما لم ينطبق عليها عنوان هتك حرمة المولى و التمرد عليه، و لا ريب في كون عدم الاعتناء بالحجة طغياناً على المولى و خروجاً عن رسوم العبودية، إذ لا موضوعية للحجة، و انما هي طريق لإحراز مرامه، فمخالفة الحجة مصداق الهتك و الطغيان و ان لم تكن عصياناً مصطلحاً.