بقسميه من التفصيليّ و الإجمالي، كما إذا علم إجمالا بخمرية أحد إناءين و خالف علمه و شرب أحدهما أو كليهما ثم انكشف عدم خمريتهما. أم أمارة غير علمية كالبينة، أم أصلا عملياً، فإذا قامت بينة على خمرية مائع، أو جرى فيها الاستصحاب كما إذا علم بخمريته و شك في انقلابه خلا، فلو خالف البينة أو الاستصحاب و شربه ثم تبين عدم خمريته كان متجرياً. بل يجري التجري أيضا في مخالفة الاحتمال المنجز للتكليف كارتكاب الشبهات البدوية قبل الفحص عن الأدلة، ضرورة أن مناط التجري - و هو مخالفة ما يراه حجة بلا عذر شرعي - موجود في الجميع بناء على ما هو الحق من حجية الأمارات و الطرق الشرعية من باب الطريقية لا السببية، إذ على هذا المبنى الصحيح لا يكون مؤدى الطريق حكماً في قبال الحكم الواقعي بل هو نفس الواقع مع الإصابة و معذر في ترك الواقع مع الخطأ. نعم بناء على حجيتها من باب السببية يكون المؤدى حكماً، فمخالفة الأمارة المؤدية إليه عصيان حقيقة و خارج عن عنوان التجري، و تخلف الأمارة حينئذ عن الواقع ليس من انكشاف الخلاف كما هو كذلك بناء على الطريقية بل من باب تبدل الموضوع كتبدل المسافر بالحاضر. و كذا الحال في الأصول العملية، فانها وظائف مقررة للجاهل من حيث كونه جاهلا بالواقع، و الأصول قررت له ما دام جاهلا تسهيلا لوظيفته و علاجاً لحيرته حتى ينكشف له الواقع، فالأصول معذرة للشاك، لا أنها أحكام مجعولة في قبال الواقع بحيث يكون الشاك و العالم موضوعين لحكمين كسائر الموضوعات نظير الفقير و الغني. و سيأتي في الأصول العملية مزيد توضيح لذلك إن شاء اللّه تعالى.