مرآة لشيء من الخصوصيّات الفرديّة اللاحقة لها في الخارج، و مجرّد اتّحادها معها خارجا لا يوجب الكشف و الدلالة، فلا يكون نفس تصوّر الماهيّة كافيا في تصوّر الخصوصيّات، فلا بدّ للآمر من تصوّرها مستقلا بصورة أو صور غير صورة الطبيعي و لو بالانتقال من الطبيعي إليها، ثمّ تتعلّق [بها مستقلا إرادة أخرى] غير الإرادة المتعلّقة بنفس الطبيعة، و هذه الإرادة جزاف محض.
بل يمكن أن يقال: إنّ تصوّر الأفراد غير تصوّر الطبيعة، ضرورة أنّ تصوّر الخاصّ الجزئيّ من شئون القوى النازلة للنفس، و تعقّل الطبيعة من شئون العاقلة بعد تجريد الخصوصيّات، فربّما يتصوّر الأفراد مع الغفلة عن نفس الطبيعة و بالعكس.
فالآمر إذا أراد توجيه الأمر إلى الطبيعة لا بدّ من لحاظها في نفسها، و إذا أراد الأمر بالأفراد لا بدّ من لحاظها: إمّا بعنوان إجماليّ، و هو مباين لعنوان الطبيعة في العقل، و إمّا تفصيلا مع الإمكان، و هو- أيضا- غير لحاظ الطبيعة.
فإذا فرض كون الطبيعة ذات مصلحة و لو بوجودها الخارجيّ، فلا بدّ للآمر من تصوّرها و تصوّر البعث إليها و إرادته، ففي هذا اللحاظ لا تكون الأفراد ملحوظة لا إجمالا و لا تفصيلا، و لا تكون ملازمة بين اللحاظين، و صرف اتّحاد الخصوصيّات الخارجية مع الطبيعة خارجا لا يوجب الملازمة العقليّة، فلا بدّ لتعلّق الأمر بها من لحاظ مستأنف و إرادة مستأنفة جزافا.
ثمّ إنّ البعث نحو المأمور به، سواء كان بصيغة الأمر أو بدالّ آخر، و كذا