ثمّ لا يبعد أن يكون محطّ البحث: أنّ الأمر إذا تعلّق بماهيّة بالمعنى المتقدّم، هل يسري إلى الأفراد و المصاديق المتصوّرة بنحو الإجمال منها، بحيث تكون الطبيعة وسيلة إلى تعلّقه بالمصاديق الملحوظة بنحو الإجمال، لا بما هي ملحوظة و متصوّرة بل بنفس ذاتها، كما في الوضع العامّ و الموضوع له الخاصّ، فيكون معنى «صلّ»: أوجد فردها و مصداقها، لا الفرد الخارجي و لا الذهني، بل ذاته المتصوّرة إجمالا، فإنّ الأفراد قابلة للتصوّر إجمالا قبل وجودها، كما أنّ الطبيعة قابلة له قبله، و ما ذكرنا نزاع معقول.
و التحقيق: أنّ الأوامر و النواهي مطلقا متعلّقة بالطبائع، بمعنى أنّ الآمر قبل تعلّق أمره بشيء يتصوّره بكلّ ما هو دخيل في غرضه، و يبعث المكلّف نحوه ليوجده في الخارج، ضرورة أنّ البعث الحقيقي لا يمكن أن يتعلّق بما هو أوسع أو أضيق ممّا هو دخيل في الغرض، للزوم تعلّق الإرادة و الشوق بغير المقصود أو به مع الزيادة جزافا، فإذا لم تكن للخصوصيّات الفرديّة دخالة في غرض الآمر لا يمكن أن يبعث نحوها، لأنّ البعث تابع للإرادة التشريعيّة التابعة للمصالح، و تعلّقها بما هو غير دخيل في تحصيلها ممتنع، كتعلّقها ابتداء بأمر بلا غاية.
و توهّم تعلّقها تبعا بما هو من ملازمات المراد باطل، لأنّه مع خروجه عن محطّ البحث- لأنّ الكلام ليس في استلزام إرادة لإرادة أخرى كباب المقدّمة، بل في متعلّق الأمر- قد فرغنا عن بطلانه.
و إن شئت قلت: إنّ الطبيعة- أيّة طبيعة كانت- لا يعقل أن تكون