الوجه الثالث: ما سلكناه في هذا المضمار، و هو تصوير الأمر بالأهمّ و المهمّ في عرض واحد بلا تشبّث بالترتّب، و هو يبتني على مقدّمات:
المقدمة الأولى: أنّه سيأتي في محلّه [1] أنّ الأوامر متعلّقة بالطبائع، و أنّ الخصوصيّات الفرديّة مطلقا خارجة عن المتعلّق و إن كانت متّحدة معها خارجا.
المقدمة الثانية: أنّ الإطلاق بعد تماميّة مقدّماته يباين العموم في أنّ الحكم فيه لم يتعلّق إلاّ بنفس الماهيّة أو الموضوع من غير دخالة فرد أو حال أو قيد فيه، و ليس الحكم متعلّقا بالأفراد و الحالات و الطوارئ، ففي قوله: «أعتق الرقبة» تكون نفس الطبيعة- لا أفرادها أو حالاتها- موضوعا للحكم، فإنّ الطبيعة لا يمكن أن تكون حاكية و مرآة للأفراد و الخصوصيّات و إن كانت متّحدة معها خارجا، و هذا بخلاف العموم، فإنّ أداته وضعت لاستغراق أفراد المدخول، فيتعلّق الحكم فيه بالأفراد المحكيّة بعنوان الكلّ و الجميع، و سيأتي في محلّه توضيح الحال فيه [2].
المقدمة الثالثة: أنّ التزاحمات الواقعة بين الأدلّة بالعرض، لأجل عدم قدرة المكلّف على الجمع بين امتثالها، كالتزاحم بين وجوب إزالة النجاسة عن المسجد و وجوب الصلاة، حيث تكون متأخّرة عن تعلّق الحكم بموضوعاتها و عن ابتلاء المكلّف بالواقعة، لم تكن ملحوظة في الأدلّة، و لا تكون الأدلّة