بالنسخ، فإنّ قاعدة «كلّ فاعل مرفوع» يستفاد منها فائدة غير ما يستفاد من قاعدة «كلّ مفعول منصوب» و سائر القواعد، لكن لتلك الفوائد الكثيرة ربط و سنخيّة من وجه، و لها وحدة انتزاعيّة اعتباريّة.
مع أنّ حديثَ تأثير الجامع بين المؤثّرات إذا اجتمعت أثراً واحداً حديثُ خرافة؛ لعدم تحقّق الجامع في الخارج بنعت الوحدة إلاّ على رأي الرّجل الهمدانيّ [1].
تنبيه: ما به امتياز العلوم:
كما أنّ منشأ الوحدة في العلوم هو سنخيّة قضاياها المتشتّتة، و منشأ امتيازها هو اختلاف ذاتها و سنخ قضاياها، و لا يمكن أن يكون ما به
[1] الأسفار 1: 273.
صادف الشيخُ ابن سينا في مدينة همدان رجلاً من العلماء كبير السنّ غزير المحاسن وافر العلوم، مُتقِناً في العلوم الحكَمية و الشرعية السمعية، و له مذاهب غريبة مباينة للأقدمين في المنطق و الطبيعيات و الإلهيّات و الهندسة، و يعجب ممّن يخالفه، حيث يرى آراءه بديهيّة و مُجمعاً عليها. و ممّا اشتهر عن هذا الرّجل قوله: إنّ الطبيعي موجود بوجود واحد عددي في ضمن أفراده، و هذا معنى وجود الأنواع و الأجناس في الأعيان. و يقول: هل بلغ من عقل الإنسان أن يظنّ أنّ هذا موضع خلاف بين الحكماء؟! و للشيخ الرئيس رسالة مُفردة في هذا الباب شنّع فيها كثيراً على هذا الرّجل.
و قد يُفسَّر قول هذا الرّجل بالمُثُل الإلهية و يُنتصر له، و أنّ ردّ الشيخ عليه كان قبل قوله بالمُثُل.