الثاني: أن الوضع على ضوء نظريتنا عبارة عن التعهد و الالتزام النفسانيّ المبرز بمبرز ما في الخارج و توضيحه كما حققناه في محله أن كل متكلم من أهل أي لغة كان تعهد و التزم في نفسه أنه متى ما أراد تفهيم معنى خاص يبرزه بلفظ مخصوص و عليه فاللفظ بطبيعة الحال يدل بمقتضى قانون الوضع على أن المتكلم به أراد تفهيم معنى خاص. ثم أن من الطبيعي أن التعهد و الالتزام لا يتعلقان إلا بالفعل الاختياري ضرورة أنه لا معنى لتعهد الشخص بالإضافة إلى الأمر الخارج عن اختياره فالتعهد إنما يتعلق بالفعل في إطاره الخاصّ و هو الفعل الاختياري. هذا من ناحية و من ناحية أخرى أن ثبوت النسبة في الواقع أو عدم ثبوتها فيه في القضايا أمر خارج عن الاختيار يعني عن اختيار المتكلم بها بل هو تابع لثبوت عللها و أسبابها في الواقع، و عليه فلا يمكن تعلق التعهد و الالتزام به. و من ناحية ثالثة أن ما هو بيد المتكلم و اختياره في تلك القضايا إنما هو إبراز قصد الحكاية فيها و الاخبار عن الثبوت أو النفي في الواقع و هو قابل لأن يتعلق به التعهد و الالتزام. فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي تعين تعلق التعهد و الالتزام بإبراز قصد الحكاية و الاخبار عن الواقع نفياً أو إثباتاً. و من هذا البيان قد ظهر أمران: (الأول) أنه بناء على ضوء نظريتنا في باب الوضع لا يمكن وضع الجملة الخبرية للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه (الثاني) تعين وضعها للدلالة على إبراز قصد الحكاية و الاخبار عن الواقع نفياً أو إثباتاً و نتيجة هذا أن الجملة الخبرية بمقتضى تعهد الواضع بأنه متى ما قصد الحكاية عن ثبوت شيء في الواقع أو نفيه عنه أن يتكلم بها تدل على أن الداعي إلى إيجادها و تحققها في الخارج ذلك، و عليه فبطبيعة الحال تكون الجملة بنفسها مصممة