المقتضية للنهي عنه، و هذا بخلاف عصيان العبد الناشئ من مخالفة النهي عن التمرد على سيده فانه بطبيعة الحال يدور مدار تمرده عليه حدوثاً و بقاء، فإذا افترضنا أن سيده رضى بما عصاه ارتفع النهي عنه بقاء، و عليه فلا يبقى موجب لفساده أصلا و لا مانع من الحكم بصحته. فالنتيجة ان المستفاد من الروايات هو: أن الفساد يدور مدار النهي الإلهي حدوثاً و بقاء، غاية الأمر أنه إذا كان ناشئاً من تفويت حق الغير فهو انما يوجب فساد المعاملة فيما إذا كان النهي باقياً ببقاء ملاكه و موضوعه و أما إذا ارتفع حق الغير بارتفاع موضوعه بإجازة من له الحق تلك المعاملة ارتفع النهي عنها أيضا. و قد تحصل من ذلك ان هذه الروايات تدل على أن النهي عن المعاملة ذاتاً يوجب فسادها و ان صحتها لا تجتمع مع عصيانه تعالى. نعم إذا كان العصيان ناشئاً من تفويت حق من له الحق توقفت صحة المعاملة على إجازته كما عرفت. و من ضوء هذا البيان يظهر حال التعليل الوارد فيها و هو قوله عليه السلام (انه لم يعص اللَّه و انما عصى سيده فإذا أجاز جاز) فان المراد من انه لم يعص اللَّه يعني أنه لم يأت بما هو منهي عنه بالذات و مبغوض له تعالى من ناحية اشتماله على مفسدة ملزمة و انما أتى بما هو مبغوض لسيده فحسب من جهة تفويت حقه فلا يكون مبغوضاً له تعالى إلا بالتبع. و من هنا يرتفع ذلك برضا سيده بما فعله و عصاه فيه. أو فقل: ان نكاح العبد بما أنه ليس من أحد المحرمات الإلهية في الشريعة المقدسة، بل هو أمر سائغ في نفسه و مشروع كذلك و انما هو منهي عنه من ناحية إيقاعه خارجاً بدون اذن سيده، و عليه فبطبيعة الحال يرتفع النهي عنه بإذن سيده و إجازته، و مع الارتفاع لا موجب للفساد أصلا.