العمى ليس عبارة عن عدم البصر على الإطلاق، و لذا لا يصح سلبه عما لا يكون قابلا للاتصاف به فلا يقال للجدار مثلا أنه أعمى يعني ليس ببصير و من هنا يصح ارتفاعهما معاً عن موضوع غير موجود من دون لزوم ارتفاع النقيضين، فان زيد غير موجود لا بصير و لا أعمى. و قد تحصل من ذلك ان اتصاف شيء بكل منهما يحتاج إلى وجوده و تحققه في الخارج، بداهة استحالة وجود الصفة بدون وجود موصوفها لأن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له، و ما نحن فيه كذلك، فان الوجود و العدم النعتيين يستحيل ثبوتهما بدون وجود منعوت و موصوف في الخارج. و من هنا يمكن ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما من دون لزوم ارتفاع النقيضين، فان الفرد الخارجي من العالم اما أن يكون عادلا أو فاسقاً، و اما المعدوم فلا يعقل اتصافه بشيء منهما، و هذا بخلاف الوجود و العدم المحموليين حيث لا يمكن ارتفاعهما معاً، فانه من ارتفاع النقيضين، لما عرفت من ان الماهية إذا قيست إلى الخارج فلا تخلو من أن تكون موجودة أو معدومة و لا ثالث لهما، فالنتيجة في نهاية الشوط هي ان الوجود و العدم إذا كانا نعتيين أمكن ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما، حيث ان الشيء قبل وجوده لا يكون متصفاً بوجود الصفة و لا بعدهما، ضرورة ان الاتصاف فرع وجود المتصف، و اما إذا كانا محمولين فلا يمكن ارتفاعهما عن موضوع، ضرورة انه من ارتفاع النقيضين المستحيل ذاتاً. الثالثة: ان الموضوع المركب من شيئين لا يخلو من أن يكون مركباً من جوهرين أو عرضين أو جوهر و عرض فلا رابع لها، أما إذا كان من قبيل الأول كان يكون مركباً من وجودي زيد و عمرو مثلا فتارة يكون كلاهما محرزاً بالوجدان، و أخرى يكون كلاهما محرزاً بالأصل، و ثالثة يكون