معنى استقلالها و هي مباحث التحسين و التقبيح العقليين التي يبحث فيها عن حكم العقل بحسن شيء أو قبحه في مقابل الأشاعرة، حيث انهم ينكرون تلك القضايا و يدعون ان العقل لا يدرك حسن الأشياء و قبحها أصلا. و ثانيهما - القضايا العقلية غير المستقلة بمعنى ان في ترتب النتيجة عليها نحتاج إلى ضم مقدمة خارجية، و الا فلا تترتب عليها بأنفسها اية نتيجة فقهية، و هي كمباحث الاستلزامات العقلية، كمبحث مقدمة الواجب و مبحث الضد و نحوهما، فان الحاكم في هذه المسائل هو العقل لا غيره، ضرورة انه يدرك وجود الملازمة بين وجوب شيء و وجوب مقدمته و بين وجوبه و حرمة ضده.. و هكذا، و ليس المراد من عدم استقلال تلك القضايا ان العقل في إدراكه غير مستقل، فانه لا معنى لعدم استقلاله في إدراكه، بداهة انه لا يتوقف في إدراكه الملازمة بينهما أو الاستحالة و الإمكان، كما في مسألتنا هذه على اية مقدمة خارجية، بل المراد من عدم استقلالها ما عرفت من انها تحتاج في ترتب نتيجة فعلية عليها إلى ضم مقدمة شرعية، كما هو واضح. و اما الدعوى الثانية فلما ذكرناه غير مرة من ان المسألة الأصولية ترتكز على ركيزتين: الأولى - ان تقع في طريق استنباط الأحكام الكلية الإلهية، و تكون الاستفادة من باب الاستنباط و التوسيط، لا من باب الانطباق، و بهذه الركيزة تمتاز المسائل الأصولية عن القواعد الفقهية، فان استفادة الأحكام منها من باب التطبيق لا التوسيط. هذا مضافا إلى ان الأحكام المستفادة منها أحكام شخصية لا كلية. الثانية - ان يكون وقوعها في طريق الاستفادة بنفسها من دون حاجة إلى ضم كبرى أصولية أخرى، و بهذه الركيزة تمتاز عن مسائل بقية العلوم، فانها