و على الجملة فإذا حللنا الأمر بالصلاة - مثلاً - أو غيرها نرى انه ليس في الواقع إلا اعتبار الشارع كون الصلاة على ذمة المكلف، و إبراز ذلك بمبرز في الخارج ككلمة (صل) أو نحوها، و لا نتصور شيئاً آخر غير هذين الأمرين - 1 - (اعتبار الفعل على ذمة المكلف) - 2 - (إبراز ذلك بمبرز في الخارج) نسميه بالطلب تارة و بالبعث أخرى و بالوجوب ثالثة. و من هنا قلنا ان الصيغة لا تدل على الوجوب و إنما هي تدل على إبراز الأمر الاعتباري القائم بالنفس، و لكن العقل ينتزع منه الوجوب، و لزوم الامتثال بمقتضى قانون العبودية و المولوية ما لم تنصب قرينة على الترخيص في الترك، فالوجوب انما هو بحكم العقل و من لوازم إبراز شيء على ذمة المكلف إذا لم تكن قرينة على الترخيص، و اما الطلب فقد ذكرنا انه عبارة عن التصدي لتحصيل شيء في الخارج، فلا يقال طالب الضالة إلا لمن تصدى لتحصيلها في الخارج. و على ضوء ذلك فصيغة الأمر أو ما شاكلها من أحد مصاديق هذا الطلب، لا انه مدلول لها، فان الآمر يتصدى بها لتحصيل مطلوبه في الخارج فهي من أظهر مصاديق الطلب. و على هدى ذلك البيان قد ظهر انه لا مقتضى لاختصاص الفعل بالحصة المقدورة، فان اعتبار المولى الفعل على عهدة المكلف و ذمته لا يقتضى ذلك بوجه ضرورة انه لا مانع من اعتبار الجامع بين المقدور و غير المقدور على عهدته أصلا، و إبراز المولى ذلك الأمر الاعتباري النفسانيّ بمبرز في الخارج أيضاً لا يقتضى ذلك، بداهة انه ليس إلا مجرد إبراز و إظهار اعتبار كون المادة على ذمة المكلف، و هو أجنبي تماماً عن اشتراط التكليف بالقدرة و عدم اشتراطه بها. فالنتيجة انه لا مقتضى من قبل نفس التكليف لاعتبار القدرة في متعلقه أبداً و اما العقل فقد ذكرنا انه لا يقتضى اعتبار القدرة إلا في ظرف الامتثال، و عليه فإذا لم يكن المكلف قادراً حين جعل التكليف و صار قادراً في ظرف الامتثال صح