وجوب الحج على هذا ليس مشروطاً بالقدرة شرعا، بل هو مشروط بوجدان الزاد و الراحلة و أمن الطريق، فعند وجود هذه الأمور و اجتماعها يجب الحج، كان هناك واجب اخر في عرضه أم لم يكن.
- منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان موسراً و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو امر يعذره اللّه فيه، فان عليه ان يحج عنه من ماله صرورة لا مال له، و غيرها من الروايات و النصوص. نعم لو كنا نحن و هاتين الصحيحتين و لم تكن هناك روايات أخر تدل على عدم سقوط وجوب الحج عن المكلف بتعذره عليه بمرض أو نحوه لقلنا بكونها شرطاً له على الإطلاق لتكون نتيجته سقوطه بتعذره، و لكن عرفت ان الأمر ليس كذلك، و انه لا يسقط بسقوطه و تعذره. و بتعبير آخر: ان صحة البدن شرط لوجوب أداء فريضة الحج على المكلف مباشرة لا مطلقاً، بمعنى انه لو كان صحيحاً في بدنه وجب عليه إتيانها بالمباشرة، فلا تشرع في حقه الاستنابة، و الصحيحتان المذكورتان ناظرتان إلى شرطيتها من هذه الجهة، و اما إذا لم يكن صحيحاً في بدنه فتجب عليه الاستنابة، لدلالة جملة من الروايات على ذلك كما عرفت. و نتيجة ما ذكرناه هي: ان صحة البدن ليست شرطاً لوجوب الحج على الإطلاق لتكون نتيجته سقوط وجوبه بفقدانها، و انما هي شرط له على نحو المباشرة. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى ان الاستطاعة في الصحيحتين الأخيرتين و ان فسرت بقوله عليه السلام: (يكون له ما يحج به)، الا ان الظاهر ان هذا التفسير ليس تفسيراً مغايرا لتفسيرها في الصحيحتين الأوليين، بل هو عبارة أخرى عن تفسيرها بوجدان الزاد و الراحلة مع أمن الطريق. و الوجه فيه واضح و هو ان قوله عليه السلام (يكون له ما يحج به) ظاهر في ان يكون للمكلف ما يتمكن بسببه من أداء فريضة الحج فعلا. و من الواضح جداً انه لا يتحقق الا بملكه الزاد و الراحلة مع أمن الطريق، إذ مع تحقق هذه الأمور و وجدانها يتمكن من أداء تلك الفريضة فعلا و إلا فلا. ثم انه لا يخفى انه يعتبر في وجوب فريضة الحج امر آخر أيضاً زائداً على الأمور