بطبيعة الحال الأفعال الصادرة منهم ان كانت حسنة و مصداقاً لسبل الخير و طرق الهداية لكان استنادها في نظر العرف إلى اللَّه تعالى أولى من استنادها إليهم و ان كانت قبيحة و مصداقاً لسبل الشر و طرق الضلالة لكان استنادها إليهم أولى من استنادها إليه سبحانه و تعالى و ان كان لا فرق بينهما في نظر العقل. و على هذا نحمل ما ورد في بعض الروايات بهذا المضمون أنى أولى بحسناتك من نفسك و أنت أولى بسيئاتك منى، فان النّظر فيه إلى ما ذكرناه من التفاوت في نظر العرف دون النّظر الدقي العقلي. و هذا لا ينافي ما حققناه من صحة استناد العمل إلى اللَّه تعالى و إلى فاعله المباشر حقيقة. 6 - «نظرية العلماء» مسألة العقاب لا إشكال في صحة عقاب العبد و حسنه على مخالفة المولى على ضوء نظريتي الإمامية و المعتزلة حيث ان العقاب على ضوئهما عقاب على امر اختياري، و لا يكون عقاباً على امر خارج عن الاختيار ليكون قبيحاً، و من الطبيعي ان العقل يستقل بحسن العقاب على امر اختياري. و قد تقدم و ان العبد مختار في فعله في ضمن البحوث السالفة بشكل موسع. و أما على نظرية الأشاعرة فيشكل عقاب العبيد على أفعالهم و كذلك على نظرية الفلاسفة، ضرورة ان العقاب على ضوء كلتا النظريتين عقاب على الأمر الخارج عن الاختيار. و من الطبيعي ان العقل قد استقل بقبح العقاب على ما هو الخارج عن الاختيار، بل عندئذ لا فائدة لبعث الرسل و إنزال الكتب أصلا، حيث ان الكل بقضاء اللَّه و قدره فما تعلق قضاء اللَّه بوجوده وجب و ما تعلق قضاء اللَّه بعدمه امتنع، فاذن ما فائدة الأمر