في مقام الإثبات انما تكون فيما إذا كان العقل مدركاً لملاك الحكم من المصلحة أو المفسدة غير المزاحمة، و أين ذلك من إدراكه استحقاق العقاب كما في المقام، فما أفاده (قده) خاطئ جداً، و عليه فلو ورد حكم من الشارع في أمثال هذا المورد لكان إرشاداً إلى حكم العقل لا محالة. إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة و هي ان في أمثال هذه الموارد لا إشكال في حكم العقل بوجوب الإتيان بالمقدمة قبل وجوب ذيها و على ضوئها يندفع الإشكال عن كثير من الموارد: منها وجوب الإتيان بمقدمات الحج قبل وقته (الثاني) ما إذا كانت القدرة فيه شرطا شرعياً و دخيلة في ملاكه و هذا يتصور على أقسام (الأول) ان يكون الشرط هو القدرة المطلقة على سعتها (الثاني) أن يكون الشرط هو القدرة الخاصة - و هي القدرة بعد حصول شرط خاص من شرائط الوجوب (الثالث) ان يكون الشرط هو القدرة في وقت الواجب. أما القسم الأول فحاله حال ما إذا كانت القدرة شرطاً عقلياً حرفاً بحرف الا في نقطة واحدة و هي ان القدرة إذا كانت شرطا عقلياً لم يكن لها دخل في ملاك الواجب فانه تام في كلتا الحالتين: التمكن و عدمه، و إذا كانت شرطاً شرعياً، كان لها دخل في ملاكه، و لا ملاك له في حال عدم التمكن. و لكن هذه النقطة غير فارقة فيما نحن فيه، و ذلك لأن الشرط إذا كان القدرة المطلقة كما هو المفروض وجب تحصيلها في أول أزمنة الإمكان و ان كان قبل زمن الوجوب، و حرم عليه تفويتها إذا كانت موجودة فانه مع التمكن من إتيان الواجب في ظرفه و لو بإعداد أول مقدماته قد تم ملاكه فلا يجوز تفويته، و قد عرفت استقلال العقل بقبحه و العقاب عليه بقاعدة ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً. فالنتيجة انه لا فرق بين هذا القسم و القسم السابق فيما هو المهم في المقام أصلا.