أو فقل ان الواجب لو كان تخييرياً فبقاء وجوبه مقيد بعدم الإتيان بفرد ما من افراده في الخارج، و من المعلوم ان مقتضى الإطلاق عدم هذا التقييد و ان الواجب هو الفعل الخاصّ. و يمكن ان يقرر هذا بوجه آخر و هو ان الأمر المتعلق بشيء خاص كالإطعام مثلا فالظاهر هو ان للعنوان المذكور المتعلق به الأمر دخلا في الحكم فلو كان الواجب هو الجامع بينه و بين غيره و لم يكن للعنوان المزبور أي دخل فيه فعليه البيان، و حيث لم يقم بيان عليه فمقتضى الإطلاق هو وجوبه الخاصة، دون الجامع بينه و بين غيره و هذا هو معنى ان الإطلاق يقتضي التعيين. أما المقام الثاني فالكلام فيه يقع في مبحث البراءة و الاشتغال إن شاء اللَّه تعالى فلا حاجة إليه هنا. و أما المسألة الثالثة و هي ما إذا دار الأمر بين الواجب الكفائي و العيني فيقع الكلام فيها أيضاً تارة في مقتضى الأصل اللفظي. و تارة أخرى في مقتضى الأصل العملي. اما الكلام في المورد الأول فبيانه يحتاج إلى توضيح حول حقيقة الوجوب الكفائي فنقول: ان ما قيل أو يمكن ان يقال في تصويره وجوه: (الأول) ان يقال: ان التكليف متوجه إلى واحد معين عند اللَّه و لكنه يسقط عنه بفعل غيره، لفرض ان الغرض واحد فإذا حصل في الخارج فلا محالة يسقط الأمر. (الثاني) أن يقال: ان التكليف في الواجبات الكفائية متوجه إلى مجموع آحاد المكلفين من حيث المجموع بدعوى انه كما يمكن تعلق تكليف واحد شخصي بالمركب من الأمور الوجودية و العدمية على نحو العموم المجموعي كالصلاة مثلا إذا كان الغرض المترتب عليه واحداً شخصياً كذلك يمكن تعلقه بمجموع الأشخاص على نحو العموم المجموعي.