و قد تحصل من جميع ما ذكرناه في نهاية المطاف ان الالتزام باستحقاق العقاب من معاقب خارجي و حسنه لا يمكن الا على ضوء نظريتي الإمامية و المعتزلة. و اما على ضوء نظريتي الأشاعرة و الفلاسفة فلا يمكن حل هذه المشكلة الا بوجه غير ملائم لأساس الأديان و الشرائع. إلى هنا قد استطعنا ان نخرج بعدة نتائج: (الأولى) ان إرادته تعالى عبارة عن المشيئة و إعمال القدرة و السلطنة و هي فعله سبحانه و تعالى. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى ان الشوق المؤكد لا يعقل ان يكون إرادة له تعالى. و من ناحية ثالثة ان إرادته سبحانه ليست من الصفات العليا الذاتيّة. و من ناحية رابعة ان الكتاب و السنة تنصان على ان إرادته تعالى فعله. و من ناحية خامسة انه لا وجه لحمل الكتاب و السنة على بيان الإرادة الفعلية دون الذاتيّة كما عن الفلاسفة و جماعة من الأصوليين، و ذلك أولا لعدم الدليل علي كون إرادته تعالى ذاتية، بل قد تقدم عدم تعقل معنى صحيح لذلك و ثانياً ان في نفس الروايات ما يدل على نفي الإرادة الذاتيّة. (الثانية) ان تفسير الإرادة بالعلم بالنظام الكامل التام من ناحية كما عن المحقق صاحب (الكفاية (قده) و بالرضا و الابتهاج من ناحية أخرى كما عن شيخنا المحقق (قده) تفسير خاطئ لا واقع موضوعي له. (الثالثة) ان تقسيم المشيئة إلى مشيئة ذاتية و هي عين ذاته تعالى و إلى مشيئة فعلية و هي الوجود الإطلاقي المنبسط كما عن الفلاسفة و شيخنا المحقق (قده) قد تقدم نقده بشكل موسع، و قلنا هناك ان هذا التقسيم يقوم على أساس ان تكون نسبة الأشياء إلى ذاته الأزلية نسبة المعلول إلى العلة التامة من كافة الجهات و النواحي، لا نسبة الفعل إلى الفاعل المختار. و قد سبق نقد هذا الأساس بصورة موضوعية، و أقمنا البرهان على انه لا واقع له في أفعاله تعالى.