- الا ان المستفاد من بعض الأدعية انهما ليستا بذاتيتين بهذا المعنى أيضاً، و ذلك لما ورد فيها من ان الشقي يطلب من اللَّه تعالى ان يجعله سعيداً، فلو كانت الشقاوة صفة ذاتية له و لازمة لذاته فكيف يعقل تغييرها و انقلابها إلى صفة أخرى و هي السعادة. و دعوى ان قوله صلى اللَّه عليه و آله في صحيحة الكناني «الشقي من شقي في بطن أمه السعد من سعد في بطن أمه«»و قوله «الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة، يدلان على ان السعادة و الشقاوة صفتان ذاتيتان للإنسان خاطئة جداً، و ذلك اما صحيحة الكناني فلو كنا نحن و هذه الصحيحة و لم تكن قرينة خارجية على الخلاف لا مكن ان يقال بدلالتها على انهما صفتان ذاتيتان له، و لكن حيث لا يمكن كونهما ذاتيتين على نحو العلة التامة فبطبيعة الحال تكونان على نحو الاقتضاء، و لكن القرينة الخارجية قد منعتنا عن الأخذ بظاهرها و هي صحيحة ابن أبي عمير الواردة في بيان المراد منها قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن معنى قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله: الشقي من شقي في بطن أمه السعيد من سعد في بطن أمه فقال: «الشقي من علم اللَّه (علمه اللَّه) و هو في بطن أمه انه سيعمل إعمال الأشقياء و السعيد من علم اللَّه (علمه اللَّه) و هو في بطن أمه انه سيعمل إعمال السعداء«»فانها واضحة الدلالة على بيان المراد من تلك الصحيحة و إطار مدلولها، و قد تقدم في ضمن البحوث السابقة بشكل موسع ان العلم الأزلي لا يكون سبباً للجبر و منشأ له. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى ان نفس هذه الصحيحة تدل على ان الشقاوة و السعادة صفتان عارضتان على الإنسان بمزاولة الأعمال الخارجية كسائر