تعالى الجارية عليه، لأن المبدأ فيها متحد مع الذات بل هو عينها خارجاً، و من هنا التزم صاحب الفصول - قده - بالنقل في صفاته تعالى عن معانيها اللغوية. (الثانية): اعتبار تلبس الذات بالمبدإ و قيامه بها بنحو من أنحاء القيام، و هذا بنفسه يقتضى التعدد و الاثنينية، و لا اثنينية بين صفاته تعالى و ذاته، بل فرض العينية بينهما يستلزم قيام الشيء بنفسه، و هو محال. لا يخفى ان هذه الجهة في الحقيقة متفرعة على الجهة الأولى و هي اعتبار المغايرة بين المبدأ و الذات، فانه بعد الفراغ عن اعتبارها يقع الكلام في الجهة الثانية، و ان ما كان المبدأ فيه متحداً مع الذات بل عينها خارجاً كيف يعقل قيامه بالذات و تلبس الذات به، لأنه من قيام الشيء بنفسه و هو محال، إذاً لا يعقل التلبس و القيام في صفاته تعالى. و قبل أن نصل إلى البحث عن هاتين الجهتين نقدم مقدمة و هي ان الصفات الجارية عليه تعالى على قسمين: أحدهما - صفاته الذاتيّة، و هي التي يكون المبدأ فيها عين الذات (كالعالم و القادر و الحياة و السميع و البصير) و قد ذكرنا في بحث التفسير ان مرجع الأخيرين إلى العلم، و انهما علم خاص و هو العلم بالمسموعات و المبصرات. و ثانيهما - صفاته الفعلية و هي التي يكون المبدأ فيها مغايراً للذات (كالخالق و الرازق و المتكلم و المريد و الرحيم و الكريم و ما شاكل ذلك) فان المبدأ فيها و هو الخلق أو الرزق أو نحوه مغاير لذاته تعالى. و من هنا يظهر ما في كلام صاحب الكفاية - قده - من الخلط بين صفات الذات و صفات الفعل، حيث عد - قده - الرحيم من صفات الذات مع انه من صفات الفعل، و كيف كان إذا اتضح لك هذا. فنقول: ان صاحب الفصول - قده - قد التزم في الصفات العليا و الأسماء الحسني الجارية عليه تعالى بالنقل و التجوز.