الكاشف عنه، و هو الخطاب [1]، و عندئذ نقول: إنّه توجد في كلماتهم (قدّس اللّه أسرارهم) في مقام بيان اشتراط التكليف بالدخول في محلّ الابتلاء ما يمكن حمله بالتحليل على هذا المدلول للخطاب، و ذلك من قبيل ما يقال من إشكال اللغوية، فيقال مثلا: إنّ المقصود من تحريك المولى للعبد هو أن يتحرك العبد نحو تحصيل المبادئ، فإذا كان تحرّكه نحو ذلك مضمونا بحسب طبع المطلب أصبح ذلك لغوا، و بلا فائدة، فهو عبث، و البعث لا يصدر من المولى، لقبحه مثلا، فالإشكال هنا ليس عبارة عن القبح العقلائي، كما في التقريب الأوّل، بل هو عبارة عن المحذور العقلي بلحاظ لغويّة نفس مدلول الخطاب«». و التحقيق: أنّ هذا التقريب غير تام، فإنّه لو أريدت مجاراة هذا الطرز من التفكير، و المشي معه، للزم أن يقال بشرائط كثيرة في التكليف، دون خصوص شرط الدخول في محلّ الابتلاء، و ذلك كأن يقال: إنّما يحرم القتل على من بيده آلة القتل، لأنّه ما لم تكن بيده آلة من آلات القتل يكون عدم القتل مضمونا، فيكفي في ردع الناس عن القتل تحريمه على من بيده آلة من آلاته، و يكون تحريمه على من ليست بيده لغوا و عبثا، لأنّ القتل لا يكون إلاّ بعد أخذها بيده مثلا. و الواقع: أنّ هذا الطرز من التفكير ليس بصحيح لوجهين: - الأوّل: أنّ هذا لو تمّ فإنّما يتمّ في الخطاب الجزئيّ، كتوجيه الخطاب إلى شخص هذا المستضعف بقوله: لا تظلم الناس بجباية الصدقات، إذ هذا صرف جهد، و إيجاد فعل من دون فائدة و أثر، و هو لغو و عبث، أمّا لو كان ذلك بنحو الحكم العامّ، كما لو قال: يحرم الظلم بجباية الضرائب، فلا مورد فيه لهذا الإشكال، فإنّ إطلاق الكلام ليس مئونة زائدة، و فعلا زائدا صدر من المولى، حتى يقال: إنّه لغو و عبث، لعدم ترتّب فائدة عليه. و الثاني: أنّ الغرض من التكاليف - كما نبّه عليه السيّد الأستاذ«»في المقام -
[1] إن كان الملاك عبارة عن مصلحة فيما عجز عنه، لا عن مفسدة في نقيضه، استحال زوال الملاك بالعجز، لأنّ العجز عن شيء لا يح صّص ذلك الشيء إلى حصّتين، كي يفترض اختصاص الملاك بإحدى الحصتين.