و بيان المنشأ لالتزام الأكابر بهذه القاعدة، و حلّ هذا المنشأ حلا صناعيا. تاريخ البراءة العقليّة: أما الناحية الأولى: فالبراءة العقليّة لا نعرف لها عينا و لا أثرا قبل الشيخ المفيد (قدّس سرّه). نعم الصدوق رحمه اللّه صرّح بأنّ الأصل هو الإباحة، لكن كلامه قابل للانطباق على الإباحة الثابتة بالنصوص و الروايات، و لا يعلم و لا يظنّ بأن يكون نظره إلى قاعدة عقليّة في المقام. و أمّا الشيخ المفيد و الشيخ الطوسيّ (قدّس سرّهما) فهما ذهبا إلى عكس هذه القاعدة، و ذلك في مسألة الحظر و الإباحة، حيث إنّ هناك مسألة في الأصول القديم و انقطع عنوانها بعد الرسائل - و هي مسألة الحظر و الإباحة - و قد ذهب علماء الأصول القائلون بالتحسين و التقبيح العقليين، بأنّ العقل تارة يحكم بقبح الشيء بمستوى شديد و هو التحريم العقلي، أو بمستوى خفيف و هو الكراهة، أو بحسنه الشديد و هو الوجوب، أو الخفيف و هو الاستحباب. و أمّا إذا لم يدرك العقل وجود مصلحة و لا مفسدة. و لم يتبيّن له شيء يقتضي حسنه و لا قبحه، فهل يحكم العقل هنا بالقبح و هو الحظر، أو عدم القبح و هو الإباحة؟. وقع الخلاف في ذلك، و ذهب الشيخ الطوسيّ، و كذا الشيخ المفيد (على ما في العدة) إلى التوقّف، بمعنى أنّ