فأجابوا بالإيجاب، و فرضوا أنّ هذه الحجّيّة من اللوازم الذاتيّة - بالمعنى الّذي يذكر في كتاب البرهان - للقطع بما هو كشف تامّ و إن اختلفوا في أنّه هل هي من لوازم الماهية كالزوجيّة بالنسبة للأربعة، أو من لوازم الوجود كالحرارة بالنسبة للنار؟. و ترتّب على ذلك منطقيّا القاعدة المضايفة لقاعدة حجّيّة القطع - و هي قاعدة قبح العقاب بلا بيان -، إذ لمّا كانت الحجّيّة من ذاتيّات القطع بما هو كاشف تامّ، فبانعدام الكشف التامّ تنعدم الحجّيّة لا محالة، و لا معنى لكون ذاتيّ شيء ثابتا في ذات شيء آخر، و معنى انعدام الحجّيّة هو كون العقاب قبيحا. لأنّ العقاب بلا حجّة قبيح، فبهذا ترتّبت القاعدة الثانية، و هي قاعدة قبح العقاب بلا بيان. و من هنا التزم وا بأنّ الظنّ يستحيل أن يكون حجّة من دون جعل، لأنّ حجّيته بنفسه خلف قاعدة قبح العقاب بلا بيان و تخصيص لها، و تخصيص القانون العقليّ غير معقول، و حصول غير الذاتي بلا سبب أيضا غير معقول. و تفرّع على ذلك في تفكيرهم الأصولي أنّهم حاروا في أنّه كيف تصبح الأمارات منجّزة مع أنّها ليست إلاّ ظنونا، و اللابيان الّذي فرض موضوعا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ثابت عندها. و تخصيص القاعدة العقليّة محال. و ثبوت غير الذاتي بلا سبب محال. و من هنا التزموا بأنّ الأمارات قد جعلت فيها البيانيّة و الطريقيّة، و نشأت من هنا مباني جعل الطريقيّة و الكاشفيّة بعرضها العريض الّذي تكلّم عنه المحقّق النائيني رحمه اللّه