الثالثة: أنّ المستفاد من قوله: (ركب أمرا بجهالة) هو فرض كون الجهالة سببا لركوب الأمر، و ذلك لمكان باء السببيّة و سببيّة الجهالة التصديقيّة - أعني الشكّ و التردّد لركوب الأمر - تكون لأحد وجهين: الأوّل مركوزيّة قاعدة قبح العقاب بلا بيان في الأذهان و لو بلحاظ الموالي العرفيّة. و الثاني: أنّ محركيّة العلم للامتثال أشدّ و أقوى من محركيّة الاحتمال للامتثال، و محركيّة الاحتمال أضعف درجة من محركيّة العلم، فمن لا تكفيه تلك الدرجة من المحركيّة تكون الجهالة سببا لركوب الأمر من باب مساوقتها لفقدان الدرجة الأعلى من التحريك. و شيء من هذين الوجهين لا يأتيان في فرض وصول إيجاب الاحتياط. أمّا الأوّل فواضح، إذ لا مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان مع العلم بإيجاب الاحتياط. و أمّا الثاني، فلأنّه إن كان هناك فرق بحسب التفكير الأصولي بين العلم بالخطاب الواقعي و العلم بالخطاب الظاهري في المحرّكيّة فلا فرق بينهما من هذه الناحية بحسب التفكير العرفي، فمن لم يعلم بالخطاب الواقعي بترك شرب التتن و علم بالخطاب الظاهري بتركه و مع ذلك خالف الخطاب و ركب شربه لا يقال عنه: إنّه ركب أمرا بجهالة، بل يقال عنه،: إنّه ركبه بعصيانه و تمرّده، و بهذا ظهر أن الموضوع لنفي الشيء عليه الشامل للعقاب الأخروي في هذا