تظهر من الأخبار كما ورد من ردعه صلى اللّه عليه و آله و سلم أصحابه عن كثرة السؤال في الحجّ و ما ورد من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) [1]«». أقول: من المعلوم أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على مقصوده، و أيّ علاقة لقوله: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) بذلك؟ سواء قلنا: إنّ المقصود الإتيان بالأفراد المقدورة أو قلنا: إنّ المقصود الإتيان بالأجزاء المقدورة، و بأيّ نحو فسّرنا هذا الحديث فهو أجنبيّ عمّا نحن فيه، و النهي عن كثرة السؤال لعلّه كان باعتبار أنّ الأغراض المولويّة ما لم تحرّك المولى نحو البيان لا يجب امتثالها، و لا يجب السؤال عنها، و إذا سئل عنها فقد يكون نفس السؤال موجبا لتتميم ملاك البيان فيبيّن، فيجب عليهم الامتثال، فيتورّطون في المعصية مثلا، لعدم تعوّدهم بعد على الطاعة و عدم انصهارهم بعد في الإسلام، فنهاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عن السؤال و لو إرشادا إلى عدم وجوب السؤال حتى لا يأتي البيان و يضيق الأمر عليهم. و كان الأولى أن يستدلّ بحديث: (اسكتوا عمّا سكت اللّه عنه). و إن كان يرد عليه - لو كان قد استدل بهذا -: أنّ السكوت عنوان ثبوتي منتزع لا يثبت باستصحاب عدم الإلزام.
[1] و لم يرد فيه الاستشهاد بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)، و لا يحضرني كتاب الدراسات.