و لكنّه لا يذكر أنّه بأيّ دليل كان يجب على المعتمر أن لا يروي إلاّ عن ثقة؟، و هل هناك قاعدة تقول أنّ الثقة لا يروي إلاّ عن ثقة بحيث نلتزم بوثاقة كلّ من روى عنه ثقة؟، و هذا ما لم يلتزم به أحد. ثم قال الحاكم لتأييد حديث المعتمر: «وجدنا للحديث شواهد غير حديث المعتمر لا ادّعي صحّتها و لا أحكم بتوهينها بل يلزمني ذكرها لإجماع أهل السنّة على هذه القاعدة من قواعد الإسلام». و هنا ينقل الحاكم تارة الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و آله بسندين، و المتن في أحدهما ما يلي: (لا يجمع اللَّه أمتي أو قال: هذه الأمّة على الضلالة أبدا و يد اللَّه على الجماعة). و في الآخر: (لا يجمع اللَّه أمّتي على ضلالة أبدا و يد اللَّه على الجماعة). و أخرى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و آله بسند فيه مبارك أبو سحيم، و المتن كما يلي: (أنّه صلى الله عليه و آله سأل ربّه أربعا: سأله أن لا يموت جوعا فأعطي ذلك، و سأل ربّه أن لا يجتمعوا على ضلالة فأعطي ذلك، و سأل ربّه أن لا يرتدّوا كفارا فأعطي ذلك، و سأل ربّه أن لا يغلبهم عدوهم فيستبيح بأسهم فأعطي ذلك، و سأل ربّه أن لا يكون بأسهم بينهم فلم يعط ذلك). ثم يقول الحاكم: «أمّا مبارك بن سحيم - يقصد بن نفس مبارك ابن سحيم - فإنّه ممّن لا يمشي في مثل هذا الكتاب لكني ذكرته اضطرارا»«». أقول: فقد اتّضح لك أنّ الرواية الواردة عن ابن عمر غير تامّة سندا حتى على أصولهم. و أمّا الواردة عن أنس بن مالك فقد اعترف الحاكم نفسه بأنّ في سندها من لا يمشي في مثل كتاب المستدرك و هو مبارك بن سحيم. و أمّا الواردة عن ابن عباس فهي مشمولة لقوله: «لا ادّعي صحّتها و لا أحكم بتوهينها» إذ هي ممّا لم تثبت صحته. و أمّا إذا أراد من سرد هذه الروايات إثبات استفاضتها فهي كما ترى ترجع كلّها إلى روايات ثلاث عن ابن عمر، و ابن عباس، و أنس بن مالك، فكيف تتمّ الاستفاضة بثلاث روايات؟ هذا إضافة إلى ما ذكره أستاذنا الشهيد - رحمه اللَّه - في المتن من احتمال اختلاق هذه الروايات بنكتة سياسيّة مشتركة. كما لا يفيدنا أيضا بعض المراسيل الشيعيّة التي نقلها صاحب كشف القناع - رحمه اللَّه -«».