وتفصيل ذلك : هو أنه لا إشكال في وجوب
ترتيب كل ما للمعلوم بالاجمال من الآثار والأحكام الشرعية على كل واحد من الأطراف
تحصيلا للقطع بالامتثال والفراغ عما اشتغلت الذمة به ، فكما لا يجوز شرب كل واحد
من الانائين اللذين يعلم بخمرية أحدهما ، كذلك لا يصح بيع كل واحد منهما ، للعلم
بعدم السلطنة على بيع أحد الانائين ، فلا تجري أصالة الصحة في بيع أحدهما ، لأنها
معارضة بأصالة الصحة في بيع الآخر ، وبعد سقوط أصالة الصحة من الجانبين لابد من
الحكم بفساد البيع في كل منهما ، لأنه يكفي في الحكم بالفساد عدم ثبوت الصحة.
متأخرة عنه ، كما
أنه لا مجال أيضا من الالتزام بأنه مجعول مستقل قبال نجاسة الملاقى ( بالفتح )
بتعبد من الشرع ، إذ هو أيضا خلاف ارتكاز أذهانهم في التنجيسات العرفية وقذاراتهم
، بل خلاف ظاهر النص من قوله عليهالسلام
« لا ينجسه » أو « ينجسه » إذ الظاهر منه أن نجاسة المتنجسات من قبل ما لاقاها ،
لا أنه موضوع مستقل كالكلب في قبال الخنزير ، وكلماتهم أيضا في وجه عدم سراية
النجاسة إلى الماء العالي الوارد أيضا يأبى عن ذلك ويناسب مع ما ذكرناه ، فحينئذ
المتعين من مجموع الكلمات والنصوص هو الوجه الثاني.
والظاهر أيضا ان غرضهم من
السراية أيضا هذا المعنى ، نظير تعبيرهم من سراية حركة اليد إلى المفتاح ، لا أن
الغرض من السراية انبساط وجود النجاسة في الموضوعين في رتبة واحدة ، وحيث كان
الامر كذلك ، فليس مبنى عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ( بالكسر ) منحصرا بجعل
النجاسة حكما مجعولا مستقلا تعبدا ، قبال جعل نجاسة الملاقى ( بالفتح ) بل لو
بنينا على السراية بالمعنى الثاني ـ نظير سراية الحركة من اليد إلى المفتاح ـ كان
للسراية وجه. نعم : لو بنينا على السراية بالمعنى الأخير لا مجال للسراية ، وذلك
أيضا لا لما أفيد : من أن العلم بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) وطرفه يكفي في وجوب
الاجتناب عن ملاقيه كيف! ومن قبل هذا العلم لا يترتب إلا ما علم وجوده وتنجز
معلومه لا شيء آخر ، بل من جهة كونه طرف العلم بوجود التكليف في طرف وتكليفين
عرضيين في طرف آخر.
ولكن قد عرفت : أن السراية
بهذا المعنى مما لم يلتزم به أحد ، بل كلماتهم مشحونة على السراية بالمعنى الذي
نحن شرحناه ، إذ حينئذ لا مجال لتنجز التكليف بالملاقي ( بالكسر ) لان علمه في طول
العلم بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) وهذا العلم غير صالح للتنجز باعترافه ، كما لا
يخفى ، فتدبر.