شيخنا الأستاذ ـ مد
ظله ـ في ابتداء الامر ، إلا أنه أخيرا وافق الشيخ وجعل المناط في الاستهجان عدم
اتفاق الابتلاء لا عدم إمكانه ، فتأمل جيدا.
الامر الرابع :
لا يجب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي
المعلوم بالاجمال ، إلا إذا قلنا بأن وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس إنما هو لأجل
سراية النجاسة من الملاقى ( بالفتح ) إلى الملاقي ( بالكسر ) [١].
[١] أقول : الذي
يقتضي تحقيق المقام مقدمة لشرح المرام أن يقال : أولا : ان ما يتصور في وجه نجاسة
ملاقي النجس أمور :
أحدها : الالتزام بأنه حكم
تعبدي ومجعول مستقل قبال جعل النجاسة للملاقي ( بالفتح ) وأن مثل هذا الحكم في ظرف
ملاقاته النجس بحيث يكون مثل هذه الجهة مأخوذا في موضوعه بنحو التعليل والشرطية.
الثاني : أن يكون نجاسة
الملاقي ( بالكسر ) جائية من قبل نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وأنه من شؤونه ، كمجئ
حركة المفتاح من قبل حركة اليد ، وأن الملاقاة سبب هذا النشو ، ومرجعه إلى كون
نجاسة الملاقي ( بالكسر ) معلول نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وكان هو مؤثرا فيه ، لا
أنه حكم مجعول مستقل في قباله ، نظير نجاسة الكلب في قبال الخنزير ، غاية الامر
مشروطا بالملاقات لا مطلقا.
الثالث : كون نجاسة الملاقي (
بالكسر ) مرتبة من مراتب نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وكونه مقام سعة هذه النجاسة بلا
اعتبار سببية ومسببية بينهما ، وأن اختلاف مراتب النجاسة سعة وضيقا بازدياد معروضه
وقلته الناشئة من اتصال أحد الجسمين بالآخر وعدمه.
ولكن لا يخفى أن الوجه الآخر
لا أظن التزامه من أحد ، إذ مع التزامهم بأن الشك في أحدهما مسبب عن الشك في الآخر
ـ كما يشهد لذلك التزامهم بعدم معارضة أصالة الطهارة في الملاقي ( بالكسر ) مع
استصحاب النجاسة في الملاقى ( بالفتح ) لان التعبد بالنجاسة لا يقتضي السراية التي
من اللوازم العادية الواقعية ـ لا يناسب مثل هذا الوجه ، إذ مرجعه إلى كون نجاسة
الملاقي ( بالكسر ) من مراتب نجاسة الملاقى ( بالفتح ) سعة وضيقا ، وهذا المعنى
يناسب وحدة نجاستهما مرتبة ، مع أنه لا يناسب التعبير في النصوص بأنه « ينجسه » أو
لا « ينجسه » إذ الظاهر من هذا التعبير نظير التعبير بقوله : « يحركه العواصف »
كونه منشأ له ، لا أنه من مراتب وجوده كطول الحظ بالنسبة إلى ذاته ، فإنه لا يكون
إلا في رتبة نفسه لا في رتبة