استقرت على ذلك
طريقة العقلاء واستفاضت به النصوص عموما وخصوصا في الموارد الجزئية ، من غير فرق
بين يد المسلم والكافر ، إلا في اللحوم وما يتعلق بها ، فإنه لا عبرة بيد الكافر
فيها ولا يحكم له بالملكية ، إما لما قيل : من كون يده أمارة على كون اللحم من
الميتة ، وإما لأصالة عدم التذكية ، وكل منهما غير قابل لان يملك. وهذا كله مما لا
إشكال فيه ، إنما الاشكال في كون اليد من الامارات أو من الأصول العلمية.
والظاهر أن
تكون من الامارات ، فان بناء العقلاء وعمل الناس كان على اعتبار اليد وترتيب آثار
الملكية على ما في اليد لصاحبها ، وليس في طريقة العقلاء ما يقتضي التعبد بالملكية
لصاحب اليد بلا ركون النفس ، بل لابد وأن يكون عمل العقلاء على ذلك لكشف اليد في
نوعها عن الملكية ، لان الغالب في مواردها كون ذي اليد مالكا لما في يده ، فان
استيلاء عير المالك على ملك الغير وتصرفه فيه تصرف الملاك في أملاكهم خلاف العادة
، وبناء العرف والعقلاء على عدم الالتفات إلى احتمال كون ذي اليد غاصبا ، بل
يعاملون مع اليد معاملة الكاشف والطريق كسائر الكواشف العقلائية والطرق العرفية ،
وما ورد من الشارع في اعتبار اليد إنما هو إمضاء لما عليه عمل الناس ، وليس مفاد
أدلة اعتبارها تأسيس أصل عملي بحيث لم يلاحظ الشارع جهة كشفها ، فان ذلك بعيد
غايته ، وقوله عليهالسلام
في بعض أدلة اعتبار اليد « وإلا لما قام للمسلمين سوق » [١] لا يدل على التعبد بها ، بل إنما هو
لبيان حكمة إمضاء ما عليه العقلاء ، فإنه لولا اعتبار اليد لاختل النظام ولم يبق
للمسلمين سوق.
وبالجملة : ملاحظة عمل العقلاء في باب
اليد وأدلة اعتبارها يوجب القطع بكونها من الامارات ، لا من الأصول العملية ،
وحينئذ لا إشكال في كونها حاكمة
[١] الوسائل : الباب
٢٥ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، الحديث ٢ ولفظ الحديث « لو لم يجز هذا لم
يقم للمسلمين سوق ».