« ولا ينقض اليقين
بالشك » هو اليقين بتحصيل البراءة من البناء على الأكثر والآتيان بركعة الاحتياط
مفصولة ، وقد جرى اصطلاح الأئمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ على تسمية الوظيفة
المقررة في الشك في عدد الركعات من البناء على الأكثر والآتيان بالركعة المشكوكة
مفصولة بالبناء على اليقين ، فإنه قد ورد التعبير بذلك في عدة من الاخبار ، كقوله عليهالسلام « إذا شككت فابن على اليقين » [١] فان المراد من البناء على اليقين هو
البناء على الأكثر والآتيان بركعات الاحتياط مفصولة ، وعلى هذا لا تنطبق الرواية
على الاستصحاب ولا يصح الاستدلال بها [٢]
بل لو سلم ظهور الرواية في كون المراد
[١] الوسائل الباب ٨
من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ٢.
[٢] أقول : لا يخفى
أن تطبيق الاستصحاب في الرواية على الركعة إنما يتم على مذهب العامة من جعلهم
الاستصحاب من قبيل القياس والاستحسانات من الأمارات الظنية المثبت للوازمه ، وإلا
فبناء على جعلها من الأصول التعبدية وأخذها من الاخبار الغير الصالحة لاثبات غير
اللوازم الشرعية ، ففي تطبيق الاستصحاب على الركعة المشكوكة مجال إشكال ، نظرا إلى
أن الركعة الرابعة إذا كان مرددا بين الركعتين فالعلم بعدمها لا يحصل إلا قبل
الشروع بما في يده ، وهو الركعة المرددة بين كونه ثانية أو ثالثة ، ففي هذا الظرف
يقطع إجمالا بعدم وجود الركعة الرابعة ، فإذا شرع في أحد طرفي المعلوم بالاجمال
وهو الذي بيده فعلا المردد بين الثالثة والرابعة ، فيشك في تحقق الرابعة المعلومة
إجمالا المردد بين كونه ما في يده الفعلي أو كونه عبارة عن غيره الذي عبارة عما
أفاده بالقيام إليه ، كما هو الشأن في كل ما هو معلوم إجمالا ، وجودا أم عدما.
وحينئذ نقول : إن المستصحب الذي تعلق به اليقين والشك هو عنوان الرابعة المرددة
بين الشخصين ، فهذا المردد بما هو معلوم إجمالا لا أثر له ، وماله الأثر ليس إلا
شخص المعين الواقعي الدائر أمره بين ما هو معلوم البقاء أو معلوم الارتفاع. وحينئذ
فما هو متعلق اليقين والشك هو الرابعة المرددة بين الشخصين ، وهو بهذا العنوان لا
أثر له ، إذ الأثر للشخص ، لا للجامع العرضي الذي عبارة عن مسمى الرابعة أو شخصه
أو مصداقه وأمثالها ، وإنما الأثر لواقع ما هو رابعة من أحد الشخصين المعلوم
ارتفاعه أو بقائه.
وبهذا البيان نلتزم بعدم
جريان الاستصحاب في الفرد المردد نفيا وإثباتا ، مضافا إلى عدم صلاحية الأصل في
المقام ـ الذي هو مفاد كان التامة ـ لاثبات رابعية الموجود ، كي يترتب عليه جواز
التشهد والسلام فيه الذي هو من آثار رابعية الموجود ، فكان المقام نظير استصحاب
وجود الكر الغير المثبت