لها وجود علمي. وهذا
بخلاف الاحكام الظاهرية ، فإنها بوجوداتها الواقعية لا أثر لها ولا يترتب عليها الآثار
المرغوبة منها ـ من كونها منجزة للواقع عند الإصابة والمعذورية عند المخالفة ـ إلا
بعد الالتفات إليها والعلم بها حكما وموضوعا ، لوضوح أن مجرد جعل حجية الخبر الثقة
أو الاستصحاب لا يقتضي التنجيز والمعذورية إلا بعد العلم بقيام الخبر أو الاستصحاب
على وجوب الشيء ومقدار دلالته وما يستفاد منه.
وبالجملة : لا إشكال في أن نتيجة جعل
الطرق والامارات والأصول العملية لا يمكن أن تتحقق إلا بعد العلم بالحكم والموضوع
، لا معنى للمؤاخذة على ترك العمل بخبر لم يعلم به. وكذا الاستصحاب ، فيتوقف جريان
الاستصحاب على الالتفات إليه حكما وموضوعا ، وذلك يتوقف على فعلية الشك الذي اخذ
موضوعا فيه ، فلا ينبغي التأمل في اعتبار فعلية الشك في الاستصحاب. ويترتب على ذلك
فروع مهمة :
منها
: ما إذا تيقن المكلف بالحدث ثم غفل عن
حاله وصلى غافلا وبعد الفراغ من الصلاة شك في تطهره قبل الصلاة [١] فبناء على اعتبار فعلية الشك في جريان
الاستصحاب ينبغي القول بصحة الصلاة وعدم وجوب إعادتها ، لأنه يكون من الشك بعد
الفراغ ، فتجري في الصلاة « قاعدة الفراغ » ولا أثر لاستصحاب بقاء الحدث الجاري
بعد الصلاة عند الالتفات إلى حاله ، لان قاعدة الفراغ حاكمة عليه. نعم : استصحاب
بقاء الحدث إنما ينفع بالنسبة
[١] أقول : لا إشكال
في أن الطرق المنجزة للواقع والمعذرة لها أو أصولها تكون منجزة ومعذرة ما دام
موجودا لا بعد انعدامها ، وحينئذ ففي الزمان السابق لو فرض استصحاب الحدث فلا
يقتضي ذلك إلا بطلان الصلاة سابقا. وأما في الحال : فلا مرجع فعلا إلا قاعدة
التجاوز أو الفراغ الحاكم بالصحة ، فمن هذا الحين لا معنى للحكم ببطلان الصلاة
السابقة ، وإنما يحكم به سابقا ، ولا أثر له عملي فعلا ، فما أفيد من الأساس لا
نتيجة له عملا في المقام ، كما لا يخفى.