فيه ، فليس
الاستصحاب عبارة عن « الحكم بدوام ما ثبت » بل لو كان حقيقة الاستصحاب ذلك لكان
الاستصحاب من الاحكام الواقعية ، وعلى فرض أن يكون من الاحكام الظاهرية باعتبار
أخذ الشك في الحكم بالبقاء فيه ـ مع أنه لم يذكر في التعريف ـ فليس مفاد الأخبار
الواردة في الباب ذلك.
فالأولى في تعريفه هو أن يقال : إن
الاستصحاب عبارة عن عدم[١]
انتقاض اليقين السابق المتعلق بالحكم أو الموضوع من حيث الأثر والجري العملي بالشك
في بقاء متعلق اليقين [٢]
وهذا المعنى ينطبق على ما هو مفاد الاخبار ، وليس حقيقة الاستصحاب إلا ذلك ،
وسيتضح أن الوجه في أخذ بعض القيود في التعريف إنما هو لاخراج « قاعدة اليقين » و
« قاعدة المقتضي والمانع » بل ولاخراج « الشك في المقتضي » أيضا الذي لا نقول
باعتبار الاستصحاب فيه ، وسيظهر أيضا انطباق التعريف على ما يستفاد من الأخبار
الواردة في الاستصحاب.
ـ الامر الثاني ـ
يظهر من بعض كلمات الشيخ قدسسره أن الاستصحاب إنما يكون من القواعد
الفقهية وليس من المسائل الأصولية. ويظهر من بعض آخر : أنه من المسائل الأصولية.
والحق هو التفصيل بين الاستصحابات الجارية في الشبهات
[١] لا يخفى : أن
الاستصحاب لو كان عبارة عن حكم الشارع بعدم انتقاض اليقين السابق بالشك اللاحق
لكان حمل الحجية عليه من قبيل حمل الحجية على المفهوم ، وليس كحمل الحجية على
الخبر الواحد ، فتأمل جيدا ( منه ).
[٢] أقول : الأولى
أن يقال : إن حقيقة الاستصحاب عند القوم برمتهم التصديق ببقاء ما كان ظنا أم يقينا
تعبدا ، إذ ربما أمكن إرجاع تعريف الشيخ إليه ، لان المستفاد من هيئة « الابقاء »
هو الحكم به الراجع إلى التصديق به بأحد الوجهين ، بقرينة إشعار وصف « ما كان »
بالعلية ، فيخرج الابقاء للدليل ، فتأمل.