ثم إنه لو سلم الفرق بين الخطابات
الغيرية في باب متعلقات التكاليف وفي باب الوضعيات وأنها في التكاليف تتضمن البعث
والتحريك ، فلا إشكال في أنه ليس في آحاد الخطابات الغيرية ملاك البعث المولوي [١] وإلا خرجت عن كونها غيرية ، بل ملاك
البعث المولوي قائم بالمجموع ، فالقدرة إنما تعتبر أيضا في المجموع لا في الآحاد ،
وتعذر البعض يوجب سلب القدرة عن المجموع ، ولازم ذلك سقوط الامر من المجموع لا من
خصوص ذلك البعض ، لان تعذر البعض يقتضي تعذر استيفاء الملاك القائم بالمجموع ، فلا
فرق بين القيدية المستفادة من مثل قوله عليهالسلام
« لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » والقيدية المستفادة من الامر أو النهي الغيري.
فظهر : أن مقتضى القاعدة الأولية سقوط
الامر بالمقيد عند تعذر بعض قيوده إن لم يكن لدليل المقيد إطلاق يمكن التمسك به ،
من غير فرق بين أن يكون لدليل القيد إطلاق أو لم يكن.
المقام الثاني :
في قيام الدليل على خلاف ما اقتضته
القاعدة الأولية.
ومجمل الكلام فيه : هو أنه ربما يتمسك
لوجوب ما عدا القيد المتعذر بالاستصحاب وبقاعدة الميسور.
[١] أقول : إنه ليس
في هذا الكلام إلا مصادرة محضة! بل كل أمر مستقل مولوي نفسيا كان أم غيريا يقتضي
بعثا مستقلا محتاجا إلى قدرة على متعلقه محضا ، لان نتيجة الامر بكل مقدمة ليس إلا
سد باب عدم ذيها من قبله ، وحينئذ بعدم القدرة عليه يسقط هذ الامر. نعم : لولا
ظهور الخطاب في دخل المأمور به بالامر الغيري بنحو الاطلاق في المأمور به بأمر آخر
نفسي ، كان لاطلاق الامر النفسي بالمقيد مجال. ولكن الذي يسهل الخطب ظهور الخطابات
الغيرية ولو بمادتها في دخل المتعلق بنحو الاطلاق في المقيد ، فلا يفي حينئذ سقوط
الامر الغيري لاثبات الامر بالبقية بتوسيط خطابه ، كما لا يخفى.