لمرتكب الصغيرة
والكبيرة ، فإنه وإن علم بضيافة الفاسق ، إلا أنه يشك في تحقق الاكرام المنهي عنه
، لاحتمال أن يكون للتحية دخل في الاكرام.
والسر
في ذلك : هو أن متعلقات التكاليف وموضوعاتها إنما هي المسميات والمعنونات الخارجية
لا المفاهيم والعناوين [١]
فان المفهوم والعنوان غير قابل لتعلق الامر أو النهي به ، بل المأمور به والمنهي
عنه في قوله : « أكرم العلماء » و « لا تكرم الفساق » هو واقع الاكرام وحقيقته
المتعلق بواقع العالم ، وكذا المأمور به في قوله تعالى : « أقيموا الصلاة »
هو حقيقة الصلاة وما هو الصادر عن المكلف خارجا : من القراءة والركوع والسجود وغير
ذلك من الاجزاء التي تحمل عليها الصلاة عند اجتماعها ، وليس المأمور به مفهوم
الصلاة وعنوانها.
فما ربما يتوهم : من أنه لابد من إحراز
انطباق مفهوم الصلاة مثلا على المأتي به خارجا ، فلا يجوز الاقتصار على الأقل
المتيقن ، للشك في صدق الصلاة عليه
واضح
الفساد ، فان الذي لابد منه هو الاتيان بمتعلق الامر وما هو المطالب به خارجا ،
وليس هو إلا الافعال الخارجية [٢]
والمقدار المتيقن من تعلق الطلب
[١] أقول : ما هو
الصادر خارجا ليس إلا معلول الإرادة ، فكيف يعقل أن يكون موضوعه السابق عنها رتبة؟
نعم : في متعلقات التكليف ـ كالعالم وغيره ـ والعناوين المأخوذة في المكلف مثل «
من استطاع » مثلا كون المتعلق والموضوع نفس المعنون خارجيا أو العنوان فرع الكلام
في فعلية الإرادة ، فان كان المدار على المرتبة المحركية الفعلية ، فلا محيص من
كون الموضوع هو المعنون بوجوده خارجا ، ولكن هذا المعنى غير مأخوذ في مدلول الخطاب
الواقعي المحفوظ قبل مرتبة التنجيز ، إذ قبل قيام الطريق إليه لا يبلغ الخطاب إلى
مرتبة المحركية بحكم قبح العقاب بلا بيان ، ولا يبقى حينئذ إلا مرتبة فعلية
الاشتياق القابلة للتحريك ، ومثل هذا المعنى لا يحتاج فعلية وجوده إلى وجود
الموضوع خارجا ، بل يكفي في مثله وجودها في لحاظ الآمر ، ومن هذه الجهة أنكرنا
القضية الحقيقية في الخطابات التكليفية الواقعية المحفوظة قبل رتبة التنجيز كما لا
يخفى ، فتدبر.
[٢] أقول : بناء على
ارتباطية حقيقة الصلاة وأن المأمور به هو هذا المعنون المتقوم بالاتيان المزبور