بالأكثر ، للعلم
بوجوب أحدهما ، والمفروض : أن العلم الاجمالي كالتفصيلي في اقتضائه التنجيز ، وقد
عرفت ما في دعوى انحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل ، فان العلم
التفصيلي بوجوب الأقل وإن كان غير قابل للانكار ، إلا أنه في الحقيقة تفصيله عين
إجماله ، لتردد وجوبه بين كونه لا بشرط أو بشرط شيء [١] والعلم التفصيلي المردد بين ذلك يرجع
إلى العلم الاجمالي بين الأقل والأكثر بل هو عينه ، فلا سبيل إلى دعوى الانحلال.
وبتقريب آخر : الشك في تعلق التكليف
بالخصوصية الزائدة المشكوكة من الجزء أو الشرط وإن كان عقلا لا يقتضي التنجيز
واستحقاق العقاب على مخالفته من حيث هو ، للجهل بتعلق التكليف به فالعقاب على ترك
الخصوصية يكون بلا بيان ، إلا أن هناك جهة أخرى تقتضي التنجيز واستحقاق العقاب على
ترك الخصوصية على تقدير تعلق التكليف بها ، وهي احتمال الارتباطية وقيدية الزائد للأقل
، فان هذا الاحتمال بضميمة العلم الاجمالي يقتضي التنجيز واستحقاق العقاب عقلا ،
فإنه لا رافع لهذا الاحتمال ، وليس من وظيفة العقل وضح القيدية أو رفعها ، بل ذلك
من وظيفة الشارع ، ولا حكم للعقل من هذه الجهة ، فيبقى حكمه بلزوم الخروج عن عهدة
التكليف المعلوم والقطع بامتثاله على حاله ، فلابد من ضم الخصوصية الزائدة.
فان
قلت : الشك في الارتباطية والقيدية إنما يكون
مسببا عن الشك في تعلق التكليف بالخصوصية الزائدة ، وبعد حكم العقل بقبح العقاب
على مخالفة التكليف بالخصوصية الزائدة ـ كما هو المفروض ـ لا يبقى مجال للقول
بالاشتغال العقلي من حيث الشك في الارتباطية والقيدية ، لأن الشك السببي رافع للشك
المسببي ، فالقول بقبح العقاب من حيث الشك في تعلق التكليف
[١] أقول : الذي هو
مردد هو حد الوجوب لا نفسه ، وهو خارج عن مصب حكم العقل بوجوب الامتثال ، كما عرفت.