بالخصوصية الزائدة
المشكوكة يساوق القول بجريان البراءة العقلية في الأقل والأكثر الارتباطي.
قلت
: قيدية الزائد للأقل إنما تتولد من تعلق
التكليف بالمجموع من الأقل والزائد ، وليست مسببة عن تعلق التكليف بالخصوصية
الزائدة فقط ، فإنه ليست الارتباطية إلا عبارة عن ملاحظة الأمور المتباينة أمرا
واحدا يجمعها ملاك واحد ، فالارتباطية إنما تنتزع من وحدة الملاك والامر المتعلق
بالمجموع.
هذا ، مضافا إلى أن الأصل الجاري في
الشك السببي إنما يكون رافعا للشك المسببي إذا كان من الأصول الشرعية ، وأما
البراءة العقلية فهي لا ترفع الشك المسببي ولا تمنع من جريان الأصل فيه ، على ما
سيأتي وجهه ( إن شاء الله تعالى ) في خاتمة الاستصحاب.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : أنه لا محل
للبراءة العقلية في دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطي [١].
وأما
البراءة الشرعية : فلا محذور في جريانها [٢]
لان رفع القيدية إنما هو من
[١] أقول : بعد
التأمل فيما ذكرنا ، لا يبقى لك بد من البراءة العقلية.
[٢] أقول : بعدما
كان مفاد أدلة البراءة هو الرفع الظاهري الثابت في المرتبة المتأخرة عن الشك
بالواقع لا يصلح مثله لتحديد الامر الواقعي بالأقل بخصوص الفاقد ، لاختلاف رتبتهما
، والمفروض أن ما هو معلوم تعلقه بالأقل ليس إلا الامر الواقعي ، لعدم انحفاظ
مرتبة الحكم الظاهري فيه ، فحينئذ أين أمر يصلح حديث الرفع لاثباته للأقل بنحو
يكون الامر به مطلقا ولا بشرط من حيث الانضمام بغيره وعدمه؟ ولئن اغمض عن ذلك نقول
:
إن رفع القيد إنما يثبت
الاطلاق من حيث الانطباق على مورد القيد وعدمه بنحو التشكيك ، وما نحن فيه ليس من
هذا القبيل ، إذ على فرض وجوب الأقل كان الوجوب متعلقا بأمر محدود ولو بحد وجوبه ،
فحينئذ تمامية الاطلاق لا يقتضي هذا التحديد ، وإنما يقتضي انطباق الواجب تشكيكا
على الأقل بتمامه وعلى الأكثر كذلك ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، بل من قبيل
دوران الوجوب بين حدين متبائنين ، وحينئذ كان مجال دعوى أن رفع الزائد لا يثبت
الحد الناقص إلا بالأصل المثبت.