الآخر ، فلو كان
متعلق التكليف هو الأقل فالتكليف به إنما يكون لا بشرط عن الزيادة ، ولو كان متعلق
التكليف هو الأكثر فالتكليف بالأقل إنما يكون بشرط انضمامه مع الزيادة ، فوجوب
الأقل يكون مرددا بين المتباينين باعتبار اختلاف سنخي الوجوب الملحوظ لا بشرط أو
بشرط شيء ، كما أن امتثال التكليف المتعلق بالأقل يختلف حسب اختلاف الوجوب المتعلق
به ، فان امتثاله إنما يكون بانضمام الزائد إليه إذا كان التكليف به ملحوظا بشرط
شيء ، بخلاف ما إذا كان ملحوظا لا بشرط ، فإنه لا يتوقف امتثاله على انضمام الزائد
إليه ، فيرجع الشك في الأقل والأكثر الارتباطي إلى الشك بين المتباينين تكليفا
الجهة يكون المعروض
لا بشرط محض ، ولكن معنى لا بشرطيته ليس إلا عدم إضرار انضمام الغير بوجوبه ، وإلا
فالواجب في ظرف الانضمام وعدمه ليس إلا معنى واحدا ، وهو الذات المهملة المحفوظة
في ضمن الانضمام بالغير تارة وعدمه أخرى ، وفي كل تقدير ليس المعروض إلا الذات
الملازم لحد القلة لا المقيد به ، لما عرفت : من أن هذا الحد جاء من قبل الحكم
والوجوب ، ولا يكون مثل هذا الحد مأخوذا في معروضه ، كما أن حد الكثرة أيضا لا
يوجب تقيد الأقل المعروض للوجوب في ضمن الأكثر واشتراطه بكونه منضما بالأكثر ، إذ
مثل هذه الضمنية التي هي منشأ ارتباط الاجزاء بالاجزاء إنما جاء من قبل وحدة الامر
المتعلق بالجميع ، فيستحيل أخذ مثل هذه الحيثيات الناشئة من قبل الامر في معروض
الامر ، فمعروض الامر أيضا ليس إلا ذوات الاجزاء عارية عن التقيد بالانضمام
بالغير. نعم : عار عن الاطلاق أيضا ، فالمعروض للوجوب عند وجوب الأكثر أيضا ليس
إلا ذات الأقل بنحو الاهمال ، لا المقيد بقيد الانضمام ، وحينئذ فالأقل بقصور
الوجوب عن الشمول لغيره وعدم قصوره لا يكاد يختلف معروضيته للوجوب بحد من حدوده ،
بل المعروض للوجوب على التقديرين هو الذات المهملة العارية عن الاطلاق والتقييد ،
وحينئذ فعند الشك في حد الوجوب بين الأقل والأكثر لا يوجب اختلافا في حد الأقل
الواجب مستقلا أم ضمنا ، فما هو واجب ضمنا بعينه هو واجب مستقلا ، وإنما الاختلاف
في حد وجوبه من حيث انبساطه على الزائد منه أم لا ، وهذه الجهة غير مربوطة بواجبية
الأقل ، فالواجب من الأقل ليس إلا مرتبة واحدة بحد واحد ، ضم إليه غيره في الوجوب
أم لا ، وعليه فيستحيل تردد الأقل الواجب بين المتبائنين ، كما أن سعة انبساط
الوجوب على الأكثر وعدمه أيضا لا يقتضي إلا اختلافا في حد الوجوب بلا اشتراطه بشيء
ولا اختلافا في حقيقته ، كما لا يخفى.