الباطل. وتفصيل ذلك
هو أن سببية
الأمارة لحدوث المصلحة تتصور على وجوه ثلاث :
الأول : أن تكون الأمارة سببا لحدوث
مصلحة في المؤدى تستتبع الحكم على طبقها ، بحيث لا يكون وراء المؤدى حكم في حق من
قامت عنده الأمارة ، فتكون الأحكام الواقعية مختصة في حق العالم بها ولا يكون في
حق الجاهل بها سوى مؤديات الطرق والأمارات ، فتكون الأحكام الواقعية تابعة لآراء
المجتهدين ، وهذا هو « التصويب الأشعري » الذي قامت الضرورة على خلافه. وقد ادعى
تواتر الأخبار على أن الأحكام الواقعية يشترك فيها العالم والجاهل أصابها من أصاب
وأخطأها من أخطأ.
الثاني : أن تكون الأمارة سببا لحدوث
مصلحة في المؤدى أيضا أقوى من مصلحة الواقع ، بحيث يكون الحكم الفعلي في حق من
قامت عنده الأمارة هو المؤدى ، وإن كان في الواقع أحكام ويشترك فيها العالم
والجاهل على طبق المصالح والمفساد النفس الأمرية ، إلا أن قيام الأمارة على الخلاف
تكون من قبيل الطوارئ والعوارض والعناوين الثانوية اللاحقة للموضوعات الأولية
المغيرة لجهة حسنها وقبحها ، نظير الضرر والحرج ، ولابد وأن تكون المصلحة الطارئة
بسبب قيام الأمارة أقوى من مصلحة الواقع ، إذ لو كانت مساوية لها كان الحكم هو
التخيير بين المؤدى وبين الواقع ، مع أن المفروض أن الحكم الفعلي ليس إلا المؤدى ،
وهذا الوجه هو « التصويب المعتزلي » ويتلو الوجه السابق في الفساد والبطلان ، فان
الإجماع انعقد على أن الأمارة لا تغير الواقع ولا تمس كرامته بوجه من الوجوه ،
وسيأتي ما في دعوى : أن الحكم الفعلي في حق من قامت عنده الأمارة هو مؤدى الأمارة.
الثالث : أن تكون قيام الأمارة سببا
لحدوث مصلحة في السلوك مع بقاء الواقع والمؤدى على ماهما عليه من المصلحة والمفسدة
، من دون أن يحدث في المؤدى مصلحة بسبب قيام الأمارة غير ما كان عليه قبل قيام
الأمارة ، بل