المرتبة
الأولى : الامتثال التفصيلي ، سواء كان بالعلم
الوجداني أو بالطرق والأمارات والأصول المحرزة التي تقوم مقام العلم ، فان
الامتثال بالظنون الخاصة وبالأصول المحرزة يكون في حكم الامتثال بالعلم الوجداني ،
بل الامتثال بالظن المطلق عند انسداد باب العلم بناء على الكشف أيضا يكون حكمه حكم
الامتثال بالعلم وفي عرضه ، فان حال الظن المطلق بناء على الكشف حال الظن الخاص ،
لأن معنى الكشف هو أن الشارع جعل الظن حجة مثبتا للأحكام الواقعية وطريقا محرزا
لها ، فيكون الامتثال به في عرض الامتثال العلمي.
وما ربما يتوهم : من أنه كيف يكون الظن
بناء على الكشف في عرض العلم مع أن اعتباره موقوف على انسداد باب العلم ، فهو واضح
الفساد ، فان المراد من انسداد باب العلم انسداده في معظم الأحكام لا في جميعها [١]
وبالجملة نقول : إن أراد
المقرر من المراتب المزبورة المعنى الأول ، فلا يتصور فيه الامتثال الظني أو
الاحتمالي في أطراف العلم الإجمالي ، فان هذا الظن غير ناش من ظنية طريقه أو
احتماله ، بل لابد وأن يتصور في الحجة الظنية أو الاحتمالية.
وإن أراد المقرر من المراتب
المعنى الثاني ، فلا يتصور الامتثال الظني بناء على الكشف ، إذ ليس للشارع تصرف في
مرحلة الإسقاط.
كيف! وفي هذا المقام مع
التمكن من الاحتياط التام يستقل العقل بالامتثال القطعي ، ومع عدم التمكن من
الاحتياط التام يتبعض ويأخذ بالاحتمال مع عدم رجحان ذلك الطرف ، وإلا فيستقل بطرف
الظن ولا ينتهى النوبة بتصرف الشارع في هذه المرحلة إلا بعد اسقاط العلم عن الحجية
، فترجع حينئذ إلى الفرض الأول.
[١] أقول : لا شبهة
في أن باب العلم بالحكم الكلي الشرعي في كل مسألة إذا كان مفتوحا لا تصل النوبة
إلى الظن في تلك المسألة ، وأن الانسداد في معظم الأحكام إنما ينتج حجية الظن في
موارد الانسداد من معظم الأحكام ، لا غيره.
فالأولى أن يقال بطولية
مرجعية الظن المزبور عن العلم في مقام الإثبات مطلقا ، وأن تعجب « الشيخ » عن «
المحقق القمي » في محله لو كان غرضه من الظن المطلق ما كان حجيته بدليل الانسداد ،
وإلا فلو كان مرامه حجية الظن المطلق ببناء العقلاء ـ كما يشهد به استشهاده عليه
بأنه أساس عيش بني آدم ـ فهو بمصطلح « الشيخ » داخل في الظن الخاص لا المطلق ،
وحينئذ يرد على « شيخنا العلامة » بأن نتيجته تمام على مصطلحه من الظن