فقدان النص. وفي
حكمها ما إذا كان منشأ الشبهة إجمال النص أو تعارض النصين ، فان الأدلة الدالة على
البراءة لا تختص بصورة فقدان النص ، بل تعم صورة إجمال النص وتعارضه. وقد نسب
الخلاف في ذلك إلى « صاحب الحدائق » فقال : بوجوب الاحتياط في صورة إجمال النص
وتعارضه. وليس له وجه.
هذا إذا كانت الشبهة
حكمية ، وإن كانت الشبهة موضوعية ـ كما إذا علم بوجوب إكرام العالم على وجه يكون
الحكم انحلاليا ، وشك في بعض مصاديقه ـ فقد تقدم البحث عنها في الشبهة التحريمية ،
وعرفت : أن العلم بالكبريات الكلية ما لم يعلم انطباقها على الموارد الجزئية غير
منجز للتكليف لا يستتبع استحقاق العقوبة ، والظاهر إطباق الأصوليين والإخباريين على ذلك.
نعم : نسب
إلى المشهور وجوب الاحتياط عند تردد الفرائض الفائتة بين الأقلوالأكثر[١] ويشكل الفرق
بينه وبين تردد الدين بين الأقل والأكثر ، مع أن الظاهر اتفاقهم على عدم وجوب
الاحتياط في الدين المردد بين الأقل والأكثر وجواز الاكتفاء بأداء القدر المتيقن
وجريان البراءة عن الأكثر.
والظاهر : أن يكون نظر المشهور في مسألة
قضاء الفوائت إلى القاعدة وأنها تقتضي الاحتياط ، لا لأجل التعبد وقيام دليل خاص
على ذلك ، فيتوجه حينئذ سؤال الفرق بينها وبين مسألة الدين المردد بين الأقل
والأكثر؟
[١] أقول : لا يخفى
أن الشك في قضاء الفوائت تارة ناش عن عدد السنين التي مضى من عمره الذي فات فيها
الصلاة أو الصوم ، وأخرى ناش عن تساهله في الإتيان في الوقت أو نومه وسكره مع
الجزم بمقدار سنة عمره ، ثم في هذه الصورة تارة يحتمل التفاته إلى الفوت في الوقت
، وأخرى يقطع بأن التفاته حدث بعد الوقت ، فعلى الأخير : لا شبهة في جريان قاعدة «
الوقت حائل » فيؤخذ بالمتيقن من الفوائت ، كما أنه على الأول أيضا يرجع الشك فيه ـ
مثل الدين ـ إلى الأقل والأكثر.
وأمّا في الصورة الثانية :
فلا محيص من الأخذ بالأكثر من جهة الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال في وجه ، ويمكن حمل
كلام المشهور في قضاء الفوائت على هذه الصورة ، لأن الغالب التفاتهم بعمرهم ـ ولو
تقريبا ـ واحتمال الالتفات إلى الفوت قبل مضى الوقت غالبا ، فتدبر. وعلى فرض
الإطلاق في كلماتهم فلا محيص من ايجاب احتياط في المورد ، فتدبر.