أن يتعلق به مطلقا
سواء قصد به التقرب أو لم يقصد ، وإما أن يكون مقيدا بقصد التقرب ، وإما أن يكون
مقيدا بقصد احتمال الأمر ، سبيل إلى الأول والثاني ، فان الأول ينافي كون العمل
عباديا ، والثاني يتوقف على إحراز الأمر ليمكن التقرب به والمفروض أنه غير محرز ،
فيتعين الثالث ، فلابد أن يؤخذ الإتيان بداعي احتمال الأمر في متعلق الأمر
بالاحتياط ، وحينئذ فان كان إتيان العمل بداعي الاحتمال كافيا في العبادية فلا
يحتاج إلى أوامر الاحتياط ، وإن لم يكن كافيا فأوامر الاحتياط لا توجب عبادية
العمل.
فان
قلت : أوامر الاحتياط تعم التوصليات
والتعبديات بجامع واحد ، وفي التوصليات لا يعتبر أن يكون العمل بداعي احتمال تعلق
الأمر به ، بل يكفي الإتيان بنفس العمل الذي يحتمل تعلق الأمر به ، فلابد وأن يكون
الأمر متعلقا بذات العمل بلا قيد إتيانه بداعي الاحتمال ، والا فيلزم التفكيك بين
التوصليات والتعبديات مع وحدة الدليل ، وإذا كان الأمر بالاحتياط متعلقا بذات
العمل بلا أخذ قيد قصد احتمال الأمر ، فان كان العمل من الأعمال العبادية فلا
محالة أوامر الاحتياط تكشف عن تعلق الأمر العبادي به ، وحينئذ يمكن قصد الأمر
القطعي المستكشف من أوامر الاحتياط ، بل يمكن قصد التعبد بنفس الأمر بالاحتياط ،
لاتحاده مع الأمر المتعلق بالعمل ، فيكون عبادة بلا حاجة إلى قصد احتمال الأمر
ليستشكل بأن قصد احتمال الأمر لا يكفي في العبادية ، وهذا ما وعدناه به سابقا من
الوجه.
قلت
: وحدة الدليل لا ينافي استفادة قيد قصد
امتثال الأمر المحتمل في العبادات من الخارج ـ كساير القيود التي يستفاد اعتبارها
لبعض أصناف العام من دليل خارجي آخر ـ مثلا لو ورد « أكرم العلماء » فقد تعلق وجوب
الإكرام بالنحوي والفقيه بجامع واحد ، ومع ذلك يمكن أن يعتبر في الفقيه العدالة
ويستفاد ذلك من الخارج ، وكذلك نقول في المقام : إن أوامر الاحتياط قد تعلقت
بالتوصليات والعباديات بجامع واحد ، ولكن قد استفيد