المراتب الأربع
مترتبة عند العقل حسب ترتبها في الذكر ، بمعنى أنه لا تحسن المرتبة اللاحقة إلا
عند تعذر المرتبة السابقة.
وعلى كل حال : بعد تعذر المراتب الثلاث
من الامتثال التفصيلي والإجمالي والظني تصل النوبة إلى الامتثال الاحتمالي ،
والعقل يستقل بحسنه ، ويكون ذلك امتثالا للأمر الواقعي على تقدير وجوده ، ولا
يتوقف حقيقة الامتثال على قصد الأمر التفصيلي ، وإلا كان اللازم عدم حصول الامتثال
في موارد العلم الإجمالي [١].
وتوهّم : أن الأمر في موارد العلم
الإجمالي مقطوع معلوم فلا يقاس بالشبهات البدوية التي ليس فيها إلا احتمال الأمر ـ
فاسد ، فان مجرد العلم بتعلق الأمر بأحد فردي الترديد لا يكفي لو بنينا على اعتبار
قصد التقرب والأمر التفصيلي في عبادية العبادة ، فإنه حين الاشتغال بكل واحد من
فردي الترديد لا يمكن قصد التقرب به وامتثال أمره ، لعدم العلم بتعلق الأمر به ،
لاحتمال أن يكون متعلق الأمر هو الفرد الآخر الذي يأتي به بعد ذلك ، أو الذي أتى
به قبل ذلك ، ففي موارد العلم الإجمالي لا يمكن أزيد من قصد امتثال الأمر
الاحتمالي بالنسبة إلى كل واحد من العملين اللذين يعلم إجمالا بتعلق الأمر بأحدهما
، فلو كان الامتثال الاحتمالي لا يكفي في صحة العبادة كان اللازم عدم التمكن من
الامتثال في موارد العلم الإجمالي ، وهو كما ترى!.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في أن
الامتثال الاحتمالي من أحد مراتب الامتثال والعقل يستقل بحسنه وسقوط الأمر به على
تقدير ثبوته واقعا [٢]
نعم : ليس هو في عرض الامتثال التفصيلي بل في طوله. وما أبعد ما بين القول :
التوصليات ، حيث لا
يعتبر فيها قصد التمييز ولا الوجه ، فيكفي في التقرب بها رجاء أمرها ، كما لا
يخفى.
[١] أقول : لا قصور
في الالتزام بهذا التالي ، ولذا نمنع عن الاحتياط فيما يستلزم التكرار المعلوم
اختصاصه بصورة العلم الإجمالي ، كما لا يخفى.
[٢] أقول : ذلك صحيح
في التوصليات ، وإلا ففي التعبديات مجال إشكال ، كما أشرنا.