بأنّ الامتثال
الإجمالي في عرض الامتثال التفصيلي ، وبين القول : بأن الامتثال الاحتمالي ليس من
مراتب الامتثال ولا تصح به العبادة ولا يسقط به الأمر [١]! مع أنه قد عرفت : أن لازم ذلك عدم
كفاية الامتثال الإجمالي [٢].
فظهر : أن دعوى عدم إمكان الاحتياط في
العبادات في غاية الوهن والسقوط.
وقد حاول بعض الأساطين في تصحيح
الاحتياط في العبادات بالأوامر الواردة فيه ، كقوله عليهالسلام
« أخوك دينك فاحتط لدينك » [٣]
بتقريب : أن الأمر بالاحتياط قد تعلق بذات العمل الذي يحتمل وجوبه ، لا بالعمل
بقيد أنه محتمل الوجوب بحيث يكون احتمال الوجوب قيدا في المأمور به ، بل متعلق
الأمر نفس العمل الذي يحتمل وجوبه توصليا يكفي الإتيان به بلا قصد الأمر المتعلق
به وإن كان عباديا ـ أي كان بحيث لو تعلق الأمر به لكان أمره عباديا ـ فلابد من
قصد الأمر الذي تعلق به ، وهو الامر بالاحتياط الذي فرض تعلقه بذات العمل ، فينوي
التقرب به ويقصد امتثاله ، ولذلك حكى : أن سيرة أهل الفتوى في العصر السابق كانت
على الفتوى باستحباب نفس العمل في الشبهات البدوية الحكمية ، من غير تقييد باتيان
العمل بداعي احتمال المطلوبية ، بل يطلقون الفتوى باستحباب العمل ، ولو لم تكن أوامر
الاحتياط متعلقة بنفس العمل وموجبة لاستحبابه لم يكن وجه لإطلاق الفتوى باستحباب
العمل ، بل كان اللازم تقييد الفتوى بإتيان العمل بداعي احتمال الأمر ، كما جرت
عليه السيرة بين أهل الفتوى في العصر المتأخر ، هذا.
[١] أقول : ولا بأس
به أيضا بعد إسقاط اعتبار قصد التمييز ، إذ لا وجه لتقديم الامتثال الجزمي على
غيره بعد تساويهما في القرب.
[٢] أقول : الأولى
التشبث بدليل الإطلاقات ـ ولو مقاميا ـ لدفع اعتبار قصد التمييز في العبادة ، وإلا
فلا مجال لتوهين هذا الكلام بهذه الشدة. نعم : هو صحيح في الاحتياط في التوصليات.
[٣] الوسائل : الباب
١٢ من أبواب صفات القاضي الحديث ٤١.