عدم التوقف والهلكة
، ولا يمكن فرض وجود الهلكة إلا بعد فرض تنجز التكليف ، وذلك لا يكون إلا في
الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، فيكون حاصل مفاد قوله عليهالسلام « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام
في الهلكة « هو أن ترك التعرض للشبهة التي يحتمل انطباق التكليف عليها خير من
الوقوع في عقاب مخالفة التكليف إذا صادفت الشبهة متعلق التكليف ، فعلى هذا يكون
الأمر بالتوقف للإرشاد وهو تابع للمرشد إليه ، فان صادفت الشبهة متعلق التكليف
يستحق المكلف العقوبة لفرض تنجز التكليف ، وإن خالفت الشبهة متعلق التكليف لم يكن
في البين شيء إلا التجري.
ويحتمل قريبا أن تكون روايات التوقف
لإفادة معنى آخر ، وهو أن الاقتحام في الشبهات يوجب وقوع المكلف في المحرمات ، لا
أن نفس الاقتحام في الشبهة حرام إذا صادف الحرام المعلوم بالإجمال ـ كما هو مفاد
الوجه الأول ـ بل ترك الوقوف عندها والاقتحام فيها مظنة الوقوع في المحرمات ، فان
الشخص إذا لم يجتنب عن الشبهات وعود نفسه على الاقتحام فيها هانت عليه المعصية
وكان ذلك موجبا لجرئته على فعل المحرمات ، وقد ورد نظير ذلك في باب المكروهات [١] فإنه لو لم يعتنى المكلف بالمكروهات
وأكب على فعلها أدى ذلك إلى الجرئة على فعل المحرمات ، كما أن الشخص لو لم يعتنى
بالمعصية الصغيرة هانت عليه الكبيرة ( أعاذنا الله من ذلك ) وأما إذا لم يعود
الشخص نفسه على الاقتحام في الشبهات بل عود نفسه على التجنب عنها والوقوف عندها
حصلت ملكة التجنب عن المعاصي ، وإلى ذلك يشير قوله عليهالسلام
« والمعاصي حمى الله فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها » [٢].
وعلى هذا فالأمر بالوقوف عند الشبهة
يكون استحبابيا ، كما هو الظاهر