وقد يكون حكما طريقيا ، مثل ما دل على
وجوب السير للحج قبل الموسم.
وقد يكون حكما ظاهريا ، وهو ما إذا اخذ الشك
في الحكم الواقعي في موضوعه ، فان الحكم المجعول في ظرف الشك في الحكم الواقعي لا
يمكن أن يكون حكما واقعيا ، بل لابد أن يكون حكما ظاهريا ، على اختلاف مفاده ، فقد
يكون مفاده وضع الحكم الواقعي في موطن الشك بجعل ايجاب الاحتياط ، وقد يكون مفاده
رفع الحكم الواقعي بلسان الحل والترخيص ، كقوله ـ عليهالسلام
« كل شيء لك حلال » أو بلسان الرفع ، كقوله صلىاللهعليهوآله
« رفع عن أمتي تسعة أشياء » ومنها ما لا يعلمون.
وهذا الاختلاف ينشأ عن اختلاف ملاكات
الأحكام الواقعية ومناطاتها ، فقد يكون الملاك بمرتبة من الأهمية في نظر الشارع
يقتضي جعل ايجاب الاحتياط في ظرف الشك تحرزا عن الوقوع في مخالفة الواقع.
وقد لا يكون الملاك بتلك المثابة من
الأهمية ، فللشارع الترخيص في ارتكاب الشبهة منة على العباد وتوسعة عليهم ، لأنه
كان له التضييق عليهم بالزامهم على حفظ الملاكات بأي مرتبة كانت على أي وجه اتفق
ولو بالاحتياط مطلقا في جميع موارد الشك ، ولكن الملة السهلة السمحة اقتضت عدم
ايجاب الاحتياط ورفع تأثير المقتضيات والملاكات عن اقتضائها ايجاب الاحتياط ،
ولازم ذلك : عدم المؤاخذة على الاقتحام في الشبهة لو صادف كونه مخالفا للواقع
واتفق كون الشبهة من المحرمات الواقعية.
وبذلك تمتاز البراءة الشرعية عن البراءة
العقلية ، فان البراءة العقلية عبارة عن قبح المؤاخذة بلا بيان ، فالحكم العقلي من
أول الأمر يتوجه على المؤاخذة واستحقاق العقوبة ، لأن استحقاق المؤاخذة والعقوبة
من المدركات العقلية ليس من وظيفة الشارع وضعه ورفعه إلا بوضع ما يكون منشأ ذلك أو