رفعه ؛ كما أنه ليس
من وظيفة العقل الحكم بجواز الاقتحام في الشبهة والترخيص في ارتكابها ، لأن ذلك من
وظيفة الشارع. نعم : لازم حكم العقل بقبح المؤاخذة بلا بيان هو الترخيص في
الارتكاب ، كما أن لازم حكم الشارع بالترخيص هو عدم المؤاخذة في الاقتحام ،
فالبرائة الشرعية من أول الأمر تتوجه على جواز الارتكاب عكس البراءة العقلية.
فتحصل مما ذكرنا : أن « الرفع » في
الحديث المبارك بمعنى « الدفع » في جميع الأشياء التسعة ، ولا يلزم من ذلك تجوز
ولا حمل اللفظ على خلاف ما يقتضيه ظاهره.
وإن أبيت عن ذلك وجمدت على ما ينسبق إلى
الذهن في بادئ الأمر : من أن العناية المصححة لورود الرفع على الشيء إنما هي
باعتبار وجوده السابق ولا يكفي مجرد ثبوت مقتضى الوجود ، فيمكن الالتزام بذلك أيضا
لوجود العناية المصححة لورود الرفع في جميع الأمور التسعة المذكورة في الحديث.
أما في غير « ما لا يعلمون » من
الثمانية الاخر فواضح ، فان الرفع قد أسند فيها إلى ما هو ثابت خارجا ، لوجود
الخطأ والنسيان والاضطرار وغير ذلك خارجا ، فالرفع قد ورد على ما هو موجود في
الخارج ، ولا منافاة بين ورود الرفع على المذكورات وبين بقائها على ما كانت عليه
بعد ورود الرفع عليها ، لأن الرفع
التشريعي لا ينافي الثبوت التكويني ، كما لا ينافي وجود الضرر خارجا مع نفيه
تشريعا ، وسيأتي معنى الرفع التشريعي في المذكورات.
وأما في « ما لا يعلمون » فقد يقال :
إنه لا يمكن أن يكون الرفع فيه بمعناه ، فان المراد من « الموصول » نفس الحكم
الشرعي ، فان كل الحكم في مورد الشك ثابت فلا يتصور رفعه إلا على سبيل النسخ ، وإن
لم يكن ثابتا فلا يصح إسناد الرفع إليه ، لعدم سبق الوجود ، فلابد من جعل « الرفع
» في قوله صلىاللهعليهوآله « رفع ما لا
يعلمون » بمعنى « الدفع » هذا.
ولكن يمكن ثبوت العناية المصححة لإسناد
الرفع إلى الحكم من دون