العقلائي الذي يصح
الاعتماد عليه [١]
لعدم الإحاطة بمناطاتها ، بخلاف الأمور والأحكام العادية والعرفية ، فان ملاكاتها
بيد العرف يمكن قياس بعضها على بعض ، بخلاف الأحكام الشرعية فان مبنى الشرع على
تفريق المجتمعات وجمع المتفرقات ، والعقل إنما يستقل بكفاية الامتثال الظني إذا
كان حاصلا من سبب عقلائي لا يكثر خطأه ، فمع قطع النظر عن قيام الدليل القطعي على
المنع عن القياس ما كان العقل يحكم بكفاية الامتثال الظني الحاصل من القياس بعد
التفاته إلى كثرة خطأه.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في خروج
الامتثال الظني الحاصل من القياس عن عموم نتيجة دليل الانسداد.
نعم : ينبغي الإشكال في صحة أصل المنع
عن العمل بالقياس كلية مع قطع النظر عن دليل الانسداد مع أنه قد يصيب الواقع. وحل
الإشكال انما يكون بأحد أمرين : إما الالتزام بأن الأحكام الواقعية مقيدة بما إذا
لم يؤد إليها القياس ، فلا يكون الحكم الواقعي في مورد القياس على طبق ما أدى إليه
القياس فيكون النهى عن العمل به من باب الموضوعية ، وإما الالتزام بالمفسدة
السلوكية على عكس المصلحة السلوكية التي كانت في باب الطرق والأمارات ، فيكون
النهى عنه لمكان أن في العمل بالقياس وسلوكه وأخذه طريقا مفسدة غالبة على مصلحة
الواقع ، فتأمّل.
* * *
[١] أقول : الأولى
الاقتصار في الجواب بالجواب الأول من تعليقية حكمه ، وإلا فلو بنينا على منجزيته
لا يفي هذا الجواب في دفعه ، لأن تمام المناط في نظر العقل هو قربه إلى الواقع لا
جهة عقلائية ، وربما يكون الظن القياسي أقرب من غيره إلى الواقع ، كما لا يخفى.
نعم : ربما يصير الالتفات إلى كثرة خطائه موجبا لعدم حصول الظن منه وأين ذلك ومحل
البحث!