ثم
انه قد استدل لكل من القول بالصحيح والأعم بما لا يخلو عن مناقشة ، ولا يهمنا
التعرض لها ، انما المهم بيان ما قيل في الثمرة بين القولين ، وقد ذكر لذلك ثمرتان
: الأولى : صحة التمسك بالاطلاقات بناء على الأعم ، وعدم صحته بناء على الصحيح.
الثانية : عدم جريان البراءة عند الشك في الاجزاء والشرائط بناء على الصحيح ، وجريانها
بناء على الأعم.
وتوضيح
ذلك : هو انه لا ينبغي الاشكال في عدم جواز
التمسك بالاطلاقات الواردة في الكتاب والسنة : من قوله تعالى أقيموا الصلاة ، واتوا
الزكاة ، ولله على الناس حج البيت
، إلى غير ذلك ، الا بعد معرفة الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والعلم بما هو المصطلح
عليه شرعا من هذه الألفاظ ، بداهة ان هذه الماهيات من المخترعات الشرعية ، وليس في
العرف منها عين ولا اثر ، فلو خلينا وأنفسنا لم نفهم من قوله ـ أقيموا الصلاة ـ
شيئا ، فلا يمكن ان تكون مثل هذه الاطلاقات واردة في مقام البيان.
نعم بعد معرفة ما هو المصطلح
الشرعي من هذه الألفاظ والعلم بعدة من الاجزاء والشرائط بدليل منفصل ، تظهر الثمرة
حينئذ بين الأعمي والصحيحي ، إذ بعد معرفة عدة من الاجزاء بحيث يصدق عليها المسمى ،
ويطلق عليها في عرف المتشرعة ـ الذي هو مرآت للمراد الشرعي ـ انها صلاة أو حج ، فبناء
على الأعم يتمسك بالاطلاق في نفى اعتبار ما شك في جزئيته أو شرطيته ، الا إذا شك
في مدخلية المشكوك في المسمى ، وهذا في الحقيقة ليس تمسكا باطلاق أقيموا الصلاة ، بل
هو تمسك باطلاق ما دل على اعتبار تلك الأجزاء والشرائط كما لا يخفى.
والحاصل : انه بناء على الأعم يمكن
التمسك باطلاق قوله : [١]
انما صلوتنا هذه ذكر ودعاء وركوع وسجود ، ليس فيها شيء من كلام الآدميين ـ على نفى
جزئية شيء لو فرض انه وارد في مقام البيان للمسمى بالصلاة ، واما لو كان واردا في
مقام
[١] راجع المستدرك
المجلد الأول كتاب الصلاة. الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ٩ ، ص ٩٩٥